لم تكد الأوساط السياسية في تركيا تتنفس الصعداء بعد ماراثون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية العامين الماضيين من خلال التطبيع بين الأحزاب التركية وخصوصا الحزب الحاكم وأكبر أحزاب المعارضة حتى اهتزت هذه المرحلة بعودة حدة السجالات المتبادلة ويبدو أن خشية الرئيس رجب طيب أردوغان من أن تكون مرحلة التطبيع السياسي بين الأحزاب التركية بعمر الفراشة أي قصيرة بدأت تتحقق فصول المواجهة بين الأحزاب التركية بدأت عقب زيارة أردوغان لمقر حزب الشعب الجمهوري لأول مرة منذ 18 سنة في 11 يونيو حزيران الحالي حيث أصدر بعدها بيوم زعيم الحركة القومية دولت باهتشلي حليف أردوغان بيانا أشار فيه إلى انزعاجه من هذه اللقاء بقوله إنه بإمكان العدالة والتنمية والشعب الجمهوري أن يجريا تحالفا مشتركا توقع أوزغور أوزال حصول انتخابات رئاسية مبكرة في تركيا وفي 13 الشهر الحالي رد عليه زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال قائلا إنه لا ينبغي لأحد أن يقترح علينا التحالف لأن المسؤولين اليوم سيتحملون هذه المسؤولية ولا ينبغي لباهتشلي أن يتخذ مثل هذه الخطوة السهلة وأن يصل ببلاده إلى هذه النقطة ويدفع شريكه في الجريمة سوء الإدارة نحونا إما أن يحلوا هذه المشاكل أو يرحلوا لنحلها رد أردوغان على الشعب وعبارة شريكه في الجريمة المقصود بها بشكل مباشر أردوغان استدعت رد فعل مباشرا من الأخير الذي قال أمام البرلمان يوم الأربعاء الماضي إنه على من يبحث عن شركاء بالجريمة أن يتساءل مع من يعملون في تحالف المدن في إشارة إلى حزب ديم الكردي قبل التشهير بنا لن نتسامح مع التعبيرات غير اللائقة وسنقدم إجابتنا بالمثل وأضاف نتوقع أن تتبنى المعارضة لغة شاملة وترون كيف تستجيب المعارضة لجهودنا رغم كل صدقنا إن شعبنا يراقب كيف يحاول زعيم حزب الشعب الجمهوري جر السياسة إلى التوتر بينما نحاول التصرف بشكل بناء لم نتلق أي تصرف لطيف من حزب الشعب الجمهوري ولم نخسر شيئا اليوم نحن لا نسعى لتحقيق مكاسب سياسية نريد من حزب الشعب الجمهوري أن يتخلى عن سياسة التوتر ونرجو أن تستفيد ديمقراطيتنا من هذا أيضا وتبع ذلك لقاء جمع أردوغان مع حليفه باهتشلي وكان قد سبق ذلك تصريحات تؤكد على أهمية التحالف الجمهوري لكن أوزال واصل الخميس الماضي الرد على الحكومة مطلقا تصريحات أكثر حدة بقوله لقد أزعج التطبيع الحركة القومية وإذا كان التطبيع يعني الالتزام بالقانون فإن لديهم مخاوف كبيرة بشأن القانون لقد نجحت هذه المجموعات مجموعات داخل الحركة القومية تسيطر على الحزب وتنفرد به في سحب الحركة القومية إلى نقطة معينة وجعلت الحزب الحاكم يتخذ موقفا نقول إنه لا يمكن أن يكون لدينا طريق للسير مع حزب العدالة والتنمية في نهاية 22 سنة من حكم حزب العدالة والتنمية وتابع أوزال الذي توقع حصول انتخابات رئاسية مبكرة في حديثه لصحيفة بير غون الخميس الماضي إن أردوغان انتخب لمدة خمس سنوات ولكن أعتقد أنه بعد عام ونصف العام سنذهب إلى انتخابات مبكرة تركيا ستتخلص من إدارة أردوغان وحكومته في أول انتخابات وأول انتخابات ليست التي ستجري في العام 2028 كما أن حزب الشعب الجمهوري دعا إلى تظاهرة كبرى في إسطنبول غدا الأحد ضد الحكومة للمطالبة برفع الرواتب والأجور رغم لقاء وفد من الحزب بوزير المالية محمد شيمشك قبل أيام لا نهاية للتوترات بين الأحزاب التركية ومن الواضح أن التوترات السياسية بين الأحزاب التركية لن تنتهي بسرعة وسهولة بعد عقود من الاستقطاب السياسي وعلى ما يبدو فإن كل طرف حاول أن يظهر لحاضنته الشعبية كيف بذل جهودا لتخفيف التوترات مكتفيا بما حصل لتعود الاستقطابات مجددا في حال ذهبت البلاد بالفعل إلى انتخابات مبكرة وعندها فإن حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري سيواصلان رص الحلفاء إلى جانبهما محمد جيرين بنية السياسة في تركيا قائمة على تبادل السجالات السياسية والاتهامات كما أن مطالب الطرفين لم تنفذ فحزب الشعب الجمهوري طالب برفع رواتب المتقاعدين والحد الأدنى للأجور والإفراج عن بعض المعتقلين وإعادة محاكمة شخصيات بارزة مثل رجل الأعمال عثمان كافالا المتهم بقضية أحداث غزي بارك في ميدان تقسيم وانتمائه إلى جماعة الخدمة وزعيم حزب الشعوب الديمقراطي السابق صلاح الدين دميرطاش الذي صدر حكم في 16 مايو أيار الماضي بسجنه لمدة 42 سنة على خلفية تظاهرات عنيفة اندلعت في العام 2014 تنديدا بحصار تنظيم داعش لمدينة عين العرب كوباني وفي حين أن الموضوع الوحيد الذي تم حله جاء عبر الإفراج عن كبار السن من الضباط المتهمين بالتخطيط للانقلاب في العام 1997 فإنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن مطالبة حزب العدالة والتنمية بمواقف موحدة إزاء السياسة الخارجية وكتابة الدستور لا توازن في التكتلات السياسية وقال الكاتب والصحافي فراس رضوان أوغلو لـالعربي الجديد إن هناك نوعا من عدم التوازن في التكتلات السياسية في تركيا حاليا بمعنى أن أردوغان يمثل تكتلا سياسيا من عدة أحزاب بينما المعارضة لم يعد لديها تكتل ممثل بتحالف الشعب الجمهوري وأضاف ربما الطرفان متفقان على أن المرحلة المقبلة في تركيا بحاجة لهدوء سياسي ودستور جديد لكن نقطة الخلاف هي حول كيفية تنفيذ ذلك هذا الاختلاف ليس فقط بين أردوغان وأوزال بل حتى بين أردوغان وباهتشلي وحلفاء أردوغان قد تكون لديهم رؤية مختلفة عن أردوغان نفسه من ناحيته قال المحلل السياسي محمد جيرين لـالعربي الجديد إنه كان ينتظر أن يتم الوصول إلى هذه النتيجة إذ إن الأحزاب التركية كانت بحاجة بعد الانتخابات المحلية للراحة والتخطيط للمرحلة المقبلة فلجأت إلى هذه الطريقة من أجل تحقيق مكانة أمام الحاضنة الشعبية وتحقيق كل طرف لأهدافه وأضاف بنية السياسة في تركيا قائمة على تبادل السجالات السياسية والاتهامات والتطبيع السياسي إن خلا من هذه السجالات فإن الأحزاب التركية لن تجد ما تتحدث فيه والأهم من كل ذلك مدى إمكانية تطبيق كل طرف لمطالب الطرف الآخر وبالتالي فإننا أمام مرحلة قد تنتهي سريعا وتابع ربما التظاهرة التي دعا لها أوزال قد تنهي هذه المرحلة إذا صدر خلالها تصريحات قاسية استتبعت برد من الجانب الحكومي