البودكاست والانتقال من القراءة إلى الاستماع والمشاهدة
٣٩ مشاهدة
كتب مسعود عمشوش وأحمد مسعود
تمهيد:
قال الأولون إن ملكا طلب من أحد الفلاسفة أن يضع جميع مبادئ الحكمة في كتاب واحد. وشرع الفيلسوف في تنفيذ الأمر، وبعد سنة أحضر كتابا ضخما يقع في نحو ٥٠٠ صفحة، ونظر الملك للكتاب واستصعب قراءته وطلب من الفيلسوف أن يلخص له محتوى الكتاب في عشر صفحات فقط. ونفذ الفيلسوف الأمر وأحضر الملخص. ونظر الملك في الصفحة الأولى ثم قال للفيلسوف: لا خذ هذا وأحضر لي ملخصا في صفحة واحدة، وأخذ الفيلسوف الصفحات وبعد شهر عاد للملك بالصفحة. وألقى الملك عليها نظرة سريعة وطرحها جانبا وقال للفيلسوف: لم تعد القراءة تعجبني. لخص لي محتوى الصفحة في جملة واحدة. ونفذ الفيلسوف ما طلبه الملك.
كان ذلك في زمن كانت القراءة فيه هي الوسيلة الوحيدة لنقل المعارف والمعلومات للآخرين، واليوم أصبح في وسعنا أن نطلع على المعارف بواسطة المسموع في الإذاعات والمسجلات و(الإم بي ثري) و(الأيبود) وغيرها من الوسائط. ويمكننا أن نطلع عليها بواسطة المرئي والمسموع. وهناك من يردد أننا بتنا نعيش في عصر هيمنة الصورة.
ومع ذلك، لا تزال المطابع تسحب يوميا مئات الألوف من الصفحات المكتوبة في شكل كتب ومجلات وصحف. وهناك ملايين المنشورات التي تعرض للقراءة يوميا في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. والسؤال: ألم يصاب كثير منا بالداء الذي أصيب به الملك القديم؟ هل لا يزال معظمنا يقرأ فعلا؟ ألم نعد نكتفي بإلقاء نظرة سريعة على ما يعرض علينا من نصوص مكتوبة او نهملها كليا؟ ألم نصبح نفضل سماع الإذاعات والمواد المسجلة؟ ألم نعد نفضل تلقي معلوماتنا بشكل سريع ومركز من المصادر المسموعة المرئية التي أصبحت منتشرة بشكل واسع في الدول المتقدمة؟
ما هو البودكاست؟
قبل مطلع القرن الحادي والعشرين لم يكن البودكاست معروفا. ومع ذلك فهو يعد اليوم وسيلة فعالة للنشر والتواصل والترويج والإعلام، وأصبح يشكل جزءًا مهما من الحياة اليومية لكثير من الناس في الدول الغربية، فوفقًا لبحث أجرته شركة Edison، يستمع ثلث الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 12 عامًا أو أكثر
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على