عن البنية الاقتصادية والعقائدية لجيش إسرائيل

٣٢ مشاهدة
حظي الجيش الإسرائيلي منذ تأسيسه في سنة 1948 وحتى هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول بالاحترام والثقة والتقدير إلى حد التقديس داخل المجتمع الإسرائيلي وروجت الأنظمة العربية الأسطورة الصهيونية التي تقول بأن الجيش الإسرائيلي لا يقهر وذلك لتبرير هزيمة سبعة جيوش عربية في حرب 1948 وحرب الأيام الستة في سنة 1967 واجتياح لبنان في سنة 1982 والاغتيالات المتسلسلة التي وقعت في بيروت وتونس ودبي وأثينا وعنتيبي في أوغندا وكذلك فعلت آلة الدعاية الصهيونية يقول رافائيل كوهين وهو مدير برنامج الاستراتيجية والعقيدة في مشروع القوات الجوية التابع لمؤسسة راند البحثية العريقة في الولايات المتحدة إن في مطار بن غوريون متجرا للهدايا يبيع قمصانا مرسومة عليها صورة دبابة وطائرة هليكوبتر هجومية وأخرى مقاتلة وعليها شعار يقول أميركا لا تقلقي إسرائيل خلفك والشعار غارق في السخرية فإسرائيل تتلقى مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة بأكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويا والطائرة المقاتلة من طراز إف 16 وطائرة الهليكوبتر من طراز أباتشي المرسومة على القمصان التي تباع في مطار بن غوريون ومتاجر إسرائيل كلتاهما من صنع الولايات المتحدة وفق كوهين شعار القمصان يجسد تقديس المجتمع الإسرائيلي للجيش وهو تقديس ناجم عن مزيج من القومية والإيمان العميق وإن كان في غير محله بقوته العسكرية التي لا تقهر ويفصح عن عقد غير معلن مؤداه أنه رغم من كل الاضطرابات والفوضى الموجودة حاليا في المجتمع وفي السياسة الإسرائيلية فإن الجيش حاضر دائم للحفاظ على أمن المواطنين في سنة 2019 وبحسب الاستطلاع الذي يجريه معهد الديمقراطية الإسرائيلي سنويا فإن أكثر من 90 من الإسرائيليين اليهود عبروا عن ثقة كبيرة جدا أو كبيرة في جيش الدفاع الإسرائيلي وعندما تراجعت هذه الثقة إلى 78 في استطلاع عام 2021 قلل قادة الجيش المغرورون من نتائج الاستطلاع وزعموا أن استطلاعات الرأي التي يجريها الجيش لا تجد انخفاضا في ثقة الشعب ولكن الجيش لا ينشر نتائج تلك الاستطلاعات ومن صور التقديس غير المبرر أن الرتب العليا في ذلك الجيش تحظى بالشهرة في إسرائيل وغالبا ما تدخل السياسة بعد تقاعدهم من الخدمة وتبث الجنازات العسكرية على الهواء مباشرة ويلتزم الإسرائيليون بلحظة صمت في يوم ذكرى القتلى بدلا من أن يكون يوما لحفلات الشواء كما هو الحال في الولايات المتحدة وفق كوهين قدرات عسكرية واقتصادية يحتل الجيش الإسرائيلي المرتبة 17 بين الجيوش الأقوى في العالم بعد الإيراني الذي يحتل المرتبة 14 والمصري الذي يحتل المرتبة 15 وفقا لتصنيف غلوبال فاير باور لأقوى الجيوش في العالم لعام 2024 فهو يمتلك أكثر من 2200 دبابة و530 مدفعا و339 طائرة مقاتلة منها 309 طائرات هجوم من نوعي أف 16 وأف 35 ومروحيات هجومية من طراز أباتشي و5 غواصات و49 سفينة قتال بحرية ويمتلك عددا كبيرا من المسيرات المتقدمة للرصد والتجسس والهجوم بصواريخ أرض جو أحد أسباب تقديس الإسرائيلي الجيش أنه مصدر الثروة وباب الوجاهة السياسية إذ توجه الدولة نسبة ضخمة من ناتجها المحلي للنفقات العسكرية ارتفعت النسبة من 10 في الخمسينيات إلى 20 في سنة 1968 وبعد حرب 1973 وصلت إلى 31 من ناتجها المحلي وبحلول الثمانينيات كان 50 من القوى العاملة الإسرائيلية منخرطا في الصناعة العسكرية ويحصل البحث والتطوير في القطاع العسكري على نحو 65 من النفقات العامة مقارنة بنسبة 13 للصناعات المدنية ويستحوذ الجيش على حصة كبيرة من كعكة صناعة التكنولوجيا العالية وهي تشكل 18 من الناتج المحلي الإجمالي وتؤمن نحو 14 من فرص العمل لذلك يشارك جميع المواطنين الإسرائيليين اليهود باعتزاز وفخر في الخدمة العسكرية الإلزامية ويستمر الإسرائيلي على قوة الاحتياط حتى سن الأربعين صادرات الأسلحة هي إحدى مفاخر الجيش الإسرائيلي وتمثل 25 من الصادرات الإسرائيلية وتستحوذ إسرائيل بوصفها ثامن أكبر مصدر للأسلحة في العالم في سنة 2014 ولمدة 4 سنوات على نسبة 3 من صادرات الأسلحة العالمية وليس خافيا أن سر رواج سوق السلاح الإسرائيلي أن إسرائيل تجرب قوة فتك أسلحتها على المدنيين في قطاع غزة بمثابة فئران تجارب وتصور هذه الهمجية بالفيديو وتستخدمها في الدعاية لتلك الأسلحة المجرمة وبعد اتفاقية أبراهام في سنة 2020 فتحت الدول العربية أسواقها للأسلحة والمسيرات الإسرائيلية وقفزت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى 12 5 مليار دولار دعم أميركي وجودي تلقت إسرائيل بين عامي 1949 و2022 أكثر من 158 مليار دولار من المساعدات المالية الأميركية وهي أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأميركية حيث تلقت منذ عام 1948 مساعدات بقيمة 263 مليار دولار وفي سنة 2023 وقعت إسرائيل حزمة مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة بقيمة 3 8 مليارات دولار بما هي جزء من صفقة بقيمة 38 مليار دولار خلال 10 سنوات وتمثل هذه المساعدات 40 من ميزانية الجيش وكل المشتريات العسكرية بعد أسبوع من هجوم حماس صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح قرار قدمه الرئيس جو بايدن يقضي بتخصيص 14 1 مليار دولار مساعدات عاجلة لإسرائيل وقدمت الولايات المتحدة 599 صفقة مبيعات عسكرية لإسرائيل بقيمة 23 8 مليار دولار تشمل الطائرات المقاتلة من طراز أف 35 وسترايك وطائرات الهليكوبتر المتخصصة في الرفع الثقيل وناقلات التزود بالوقود الجوي والقنابل الذكية وفق بيانات وزارة الدفاع الأميركي وفي الأسبوع الثاني للعدوان قام بايدن بزيارة إسرائيل على متن طائرة حربية وهي زيارة ذات دلالة سياسية فهي أول زيارة لرئيس أميركي لإسرائيل في وقت الحرب وترأس مجلس الحرب وقال علنا أنا صهيوني وأردت أن أكون هنا لكي يعرف شعب إسرائيل وشعوب العالم أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل وإنه لو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها في منتدى ريغان للدفاع الوطني قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنه بعد ستة أيام فقط من هجوم حماس سافر إلى إسرائيل للتأكيد على تضامن وعزم الولايات المتحدة ولتوضيح أن التزام أميركا بأمن إسرائيل ثابت لا يتزعزع وأنه سارع إلى تقديم المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل لمساعدتها في الدفاع عن شعبها وأراضيها بالإضافة للدعم السياسي وحماية قادته من الملاحقة الجنائية فإن ما يطلبه الجيش الإسرائيلي من تكنولوجيا ومعدات وأسلحة يلبى فورا من الإدارة الأميركية بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر وافق مجلس النواب الأميركي بسرعة ودون نقاش على تقديم 14 5 مليار دولار إضافية من المساعدات المالية لإسرائيل بالإضافة إلى مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 17 مليار دولار في نهاية شهر أغسطس أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية تسلمها طائرة الإمدادات العسكرية الأميركية رقم 500 وسفينة الشحن رقم 107 منذ بداية الحرب على قطاع غزة ولم تخف أو بالأحرى احتفلت باستقبالها أكثر من 50 ألف طن من المعدات العسكرية الأميركية الحاسمة لإسرائيل وتشمل مهمات طبية ومعدات حماية الجنود الشخصية إلى الذخائر والدبابات والطائرات والصواريخ يعني من الإبرة إلى الصاروخ إسرائيل بلا أميركا أظهر يوم السابع من أكتوبر أن جيش إسرائيل هش وقابل للقهر وأن إسرائيل لا مستقبل لها في فلسطين من دون الدعم الأميركي الوجودي والذي وصفه في سنة 2017 تشاك فرايليش نائب مستشار الأمن القومي في إسرائيل سابقا وأستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب بقوله إن اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة هو اعتماد وجودي وربما تستطيع إسرائيل أن تبقى على قيد الحياة دون الولايات المتحدة وأن تخفض مستويات معيشتها بشكل كبير ولكن المؤكد تماما أن إسرائيل سوف تعيش حياة أقل أمنا وأكثر فقرا وسوف تعاني من عزلة شديدة ونمط حياة مختلف تماما عن ذلك الذي اعتاد عليه أغلب الإسرائيليين الولايات المتحدة هي أكبر شريك تجاري لإسرائيل ولهذا وقعت معها أول اتفاقية تجارة ثنائية ويعود الفضل في ازدهار قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل إلى حد كبير إلى دعم الولايات المتحدة ورصد فرايليش تغيرات كبيرة تطرأ على المجتمع الأميركي لا تبشر بالخير بالنسبة لمستقبل العلاقات الثنائية مع إسرائيل ومن بين هذه التغيرات صعود المجموعات السكانية الأقل ارتباطا بإسرائيل وهي من الإسبان والذين لا ينتمون إلى أي دين والشباب وتناقص أعداد السكان اليهود العلمانيين الذين يشكلون قاعدة الدعم التقليدية لإسرائيل وظهرت هذه التغيرات التي رصدها فرايليش قبل سبع سنوات من طوفان الأقصى في معاداة شباب الجامعات الأميركية للصهيونية ودعمهم للفلسطينيين الجيش بعد الطوفان كشف هجوم المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر حقيقة الجيش الذي قيل إنه لا يقهر وأنه بنى استراتيجيته الدفاعية على التفوق التكنولوجي وأهمل الروح القتالية للجنود الذين ظهروا بروح معنوية منهارة يقول رفائيل كوهين إن هجوم حماس هز العلاقة بين الإسرائيليين والجيش من جذورها ففي ذلك الصباح فشل جيش إسرائيل ليس فقط في حماية شعب إسرائيل بل فشل حتى في حماية نفسه حيث قتل ما لا يقل عن 274 جنديا إسرائيليا وعلى مدار صباح واحد حطمت حماس شعور الإسرائيليين بالأمن وحطمت ثقتهم في جيش الدفاع الذي لا يقهر إن الشعور بالفشل الشخصي بل والعار لأن الجيش الإسرائيلي خرق العقد الأساسي الذي أبرمه مع الجمهور الإسرائيلي يثقل كاهل الضباط الإسرائيليين اليوم ويتحدث الضباط عن الحاجة إلى استعادة الثقة في الجيش ليس فقط بوصفه مؤسسة بل وأيضا أحد أحجار الزاوية في الوحدة الوطنية إن معركة الضباط في غزة لا تتعلق فقط باستعادة شرفهم المهني بل باستعادة أحد أعمدة الوحدة الوطنية التي أهدرت في أحد أكثر الأيام دموية في تاريخ الجيش الإسرائيلي

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح