البشارة إذ تتحول إلى معاناة في غزة

27 مشاهدة

لم يكن سقوط أولى قطرات المطر في منطقتنا هذا العام حدثًا اعتياديًا، فقد جاء بعد انحباسٍ طويل واستقبله الناس كبشارة خير، لكنه في قطاع غزة تحوّل إلى مأساة مُضاعفة تكشف هشاشة الحياة التي يعيشها أكثر من مليون نازح، في قطاع نزح فيه تسعة من كلّ عشرة أشخاص، مرّة واحدة على الأقل خلال العامين الماضيين. ففي اللحظة التي احتفى فيها كثيرون ببداية موسم الخيرات، كانت خيام الناجين من عدوانٍ لم ينتهِ قَطّ تغرق تحت المطر، وتتمايل مع الرياح، وترتفع فيها صيحات الأطفال من الرعب والبرد والجوع. وبينما اختار العالم أن يعتقد أنّ الهدوء النسبي يعني نهاية المقتلة، ظلّت الحقيقة على الأرض أكثر قسوة ودموية من أن تُخفى خلف الخطابات السياسية أو الاحتفالات الدبلوماسية. فالعدوان لم يتوقّف، والجرائم لم تُطوَ، والحصار لم يُرفع، وما يجري اليوم ليس سوى فصل جديد من جريمة مستمرّة تتجاوز حدود الزمن والمكان.

لقد اختار الكثيرون أن يتعاملوا مع توقّف القصف كأنّه نهاية للكابوس، لكن سكان قطاع غزة يعرفون أنّ الجحيم لا يتحدّد بصوت القصف وحده، بل بما يليه من تجويع متعمّد، وحرمان الدواء والمأوى، وتدمير للبنية التحتية وتهجير، وإبقاء المدنيين في دائرة معاناة مستمرّة. هذا كلّه ليس نتيجة ظرف طارئ ولا كارثة طبيعية، بل هو نتاج مباشر لسياسات الاحتلال الصهيوني التي قامت على الإبادة والاقتلاع والقمع، بدعم سياسي وعسكري ومالي من قوى دولية اختارت بوعي كامل الانحياز للجلاد المُحتل على حساب الضحايا. لذلك، فإنّ مسؤولية ما يحدث في الخيام التي غرقت، وفي الأجساد التي ترتجف برداً، وفي الأطفال الذين ينامون فوق أرض موحلة بلا غطاء، تقع أولاً وأخيراً على الاحتلال ومن يسانده، كما تقع عليهم مسؤولية جرائم الاحتلال في كامل فلسطين منذ 77 عامًا.

العدوان لم يتوقّف، والجرائم لم تُطوَ، والحصار لم يُرفع

في غزة اليوم عشرات الآلاف من الأطفال الأيتام الذين فقدوا أسرهم وباتوا يواجهون الموت البطيء في خيام مُهترئة لا تصمد أمام هبّة ريح. يقابلهم عشرات الآلاف من الأرامل اللواتي يحملن مسؤولية إعالة عائلات كاملة

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح