البحث العلمي من النشر المجاني إلى التسويق
٢٧ مشاهدة
كتب / أ.د. مسعود عمشوش
اليوم، في عصر العولمة واشتداد التنافس الاقتصادي، أصبحت معظم الدول تتبنى نموذج الاقتصاد القائم على الابتكار ونقل المعرفة وإنتاجها بواسطة البحث العلمي الجاد، الذي أصبح حقاً رأسمالا وسلعة قابلة للتسويق؛ للبيع والشراء. فاليوم لم يعد التسويق قاصراً على المنتجات المادية والخدمات فقط، بل أنه بات يشمل المعرفة والأفكار، وأصبح على الجامعات والمراكز تسويق أنشطتها البحثية وخدماتها ليس فقط للطلاب، بل كذلك للمؤسسات الاقتصادية الإنتاجية والمجتمع بشكل عام. وأصبح لدى الأستاذ الجامعي والباحث الماهر سلع عليهما تسويقها بجدارة وفاعلية.ولنستطيع تسويق ما ننتجه من معرفة وبحث علمي، داخليا وعالميا، علينا أولا تجاوز الظاهرة السائدة في الجامعات العربية بشكل خاص، والتي تكمن في ربط الحصول على الألقاب الأكاديمية بإنجاز عدد البحوث العلمية وإلزام المدرسين بنشرها في مجلات (علمية محكمة)، لا يمت معظمها للعلم الجاد بأي صلة، بل أنها في الغالب تتخذ من نشر البحوث وتعميمها وسيلة للكسب. وليس صحيحا أبدا أن حصول هذه المجلة أو تلك على رقم دولي، أو صفة زد أو أكس دليلا على جودة ما تنشره وتعممه من بحوث علمية.
وبالنسبة لمعظم المؤسسات البحثية والأكاديمية الغربية فهي قد توقفت منذ نهاية القرن الماضي عن تعميم البحوث العلمية من خلال النشر المجاني لما تتضمنه مجلاتها العلمية. وقبل ذلك، وعلى مدى بضعة عقود من الزمن، كانت الصين واليابان وألمانيا قد استفادت كثيرا من المعرفة المنتجة في الولايات المتحدة وبريطانيا أكثر من الأمريكيين والبريطانيين أنفسهم.
ومنذ مطلع هذه الألفية تشهد الجامعات على المستوى العالمي تحولات جذرية فرضتها عليها العولمة وسيادة اقتصاد السوق وسياسة التمويل الذاتي التي تلزمها بتجاوز التركيز على مهمة تأهيل الطلبة، الاهتمام أكثر بالمشاركة المباشرة في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في بلدانها.
ولهذا نلاحظ أن المؤسسات الجامعية والبحثية الغربية قد حدّت اليوم كثيرا من النشر المجاني للبحوث، وذلك بسبب ربط تمويل المؤسسات الاقتصادية الخاصة والعامة للبحث العلمي باحتكار نتائج ذلك البحث العلمي، وعدم إتاحته مجانا لأي جهة أخرى. لقد أصبح البحث العلمي حقا سلعة
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على