متابعات..|

تسلِّطُ الخطةُ الإسرائيلية الجديدة، التي كشفت عنها والمتعلقة بإعفاء المهاجرين الجدد من الضرائب خلالَ أول عامين من الإقامة، الضوءَ على أزمة عميقة يمرُّ بها كَيانُ الاحتلال الصهيوني بعد عامين من عدوانه على غزة وحرب إبادة لأهلها واشتداد عمليات المقاومة الفلسطينية والأوضاع الاقتصادية؛ فهذه الخطوة، وإن قُدّمت في ظاهرها كسياسة اقتصادية لتحفيز الهجرة، إلا أنها تعكس في جوهرها محاولة استثنائية لوقف النزيف الديموغرافي والبشري الذي يعانيه كَيان الاحتلال الصهيوني منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى.

منذ أُكتوبر 2023، سجّلت (إسرائيل) أعلى معدلات الهجرة العكسية في تاريخها الحديث، حَيثُ غادر آلاف من اليهود -خُصُوصًا من الطبقة الغنية والمتوسطة العليا- إلى أُورُوبا وأمريكا الشمالية، هربًا من التوتر الأمني والتدهور الاقتصادي المتسارع. في المقابل، تواجه الحكومة صعوبة متزايدة في إقناع اليهود الجدد بالقدوم والاستقرار في ظل الخطر العسكري المتواصل وتراجع ثقة المستوطنين في قدرة الجيش على حمايتهم.

القرار الضريبي الجديد -الذي يمنح المهاجرين الجدد إعفاءً كاملًا لعامين، ثم يرفع الضريبة تدريجيًّا بنسبة 10 % سنويًّا حتى تصل إلى 30 % بحلول عام 2030- يبدو محاولةً مزدوجة: من جهة لتحفيز الهجرة نحو فلسطين المحتلّة، ومن جهة أُخرى لتأمين قاعدة سكانية جديدة يمكن توجيهُها نحوَ الخدمة العسكرية أَو الأعمال المرتبطة بالأمن الداخلي، في ظل النقص الحاد في القوى العاملة المقاتلة.

ويرى مراقبون أن الخطةَ تأتي في سياق استراتيجي أوسع لتدارك “الأزمة الوجودية” التي يعيشها الكَيانُ بعد انكشاف هشاشته أمام ضربات المقاومة اليمنية في البحر الأحمر واستمرار الاستنزاف في غزة؛ فبينما تفرّ النخب المالية والعقول الاقتصادية من إسرائيل، تحاول الحكومة تعويض الفاقد البشري بجلب مهاجرين من دول أُورُوبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، عبر إغراءات مالية وضريبية مباشرة.

غير أن هذا المسار لا يخلو من المخاطر؛ إذ تؤكّـدُ تقارير أمنية إسرائيلية أن نسبة عالية من المهاجرين الجدد يغادرون بعد فترة قصيرة؛ بسَببِ صعوبة التكيّف، وتدهور الوضع المعيشي، وغياب الشعور بالأمان؛ وبالتالي، فإن السياسات الضريبية الحالية قد تتحول من أدَاة جذب إلى دليل إضافي على عمق المأزق الديموغرافي الذي يهدّد