بين الإصلاحات الاقتصادية وتحديات الإيرادات المواطن بين التفاؤل والقلق

كتب / د. احمد بن اسحاق
شهدت الساحة الاقتصادية في الآونة الأخيرة مؤشرات إيجابية لافتة، أبرزها استقرار سعر العملة المحلية بعد فترة طويلة من التقلبات، وهو ما انعكس على الأسواق وأعاد نسبيًا شيئًا من الثقة لدى المواطن. هذا التحسن لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة حزمة من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة ضد المضاربين بالعملة وضد العبث المالي الذي كان يهدد ما تبقى من قدرة الدولة على إدارة مواردها.
وللمرة الأولى منذ سنوات، بدا أن هناك توجهاً جاداً لإصلاح المنظومة المالية، من خلال إحكام الرقابة على الإيرادات العامة وضمان توريدها إلى البنك المركزي، تمهيدًا لتوحيد مصادر الصرف والحد من العشوائية التي كانت سمة المرحلة السابقة. هذا التوجه منح المواطنين شعورًا بالتفاؤل والأمل بأن مرحلة جديدة من الانضباط المالي والشفافية قد بدأت.
لكن، ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، تلوح في الأفق بعض العوائق التي تثير تساؤلات الشارع وتختبر جدية الإصلاحات.
فمع تأخر صرف رواتب الموظفين، تتردد أنباء تفيد بأن عملية الصرف باتت مرهونة بالتزام أكثر من ٢٠٠ جهة إيرادية بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي، في حين تشير مصادر أخرى إلى تجميد تسليم مبلغ ١.٣٨ ريال سعودي مخصص لدعم الموازنة إلى حين حسم الخلافات المالية والإدارية بين بعض الجهات القيادية.
وفي خضم هذه التطورات، تبرز خطوة الهيئة العليا لمكافحة الفساد التي أحالت ملف الجهات الإيرادية المخالفة إلى النائب العام، كخطوة منتظرة نحو ترسيخ مبدأ المساءلة والمحاسبة.
غير أن المواطن لا يزال يتساءل:
هل ستؤدي هذه الإجراءات إلى حسم الملف وإعادة الانضباط المالي؟
أم أن الرواتب ستظل رهينة الخلافات البيروقراطية والصراعات بين مراكز النفوذ؟
في نهاية المطاف، تبقى ثقة المواطن هي الركيزة الأساسية لأي إصلاح اقتصادي ناجح، ولن تُستعاد هذه الثقة إلا عبر الشفافية الكاملة في إدارة الموارد، وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء، بما يضمن أن تؤتي هذه الإصلاحات ثمارها في حياة الناس ومعيشتهم اليومية.
ارسال الخبر الى: