الإخوان المسلمون في الأردن قيادة قديمة برداء جديد

١٤٥ مشاهدة
أسفرت الانتخابات الداخلية في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أصبح يصطلح على تسميتها إما الجماعة المحظورة قانونيا أو الجماعة الأم بعدما فقدت رخصتها القانونية من الحكومة عن انتخاب مراقب عام جديد للجماعة هو مراد العضايلة بعد أن نجح متقدما على القيادي العريق حمزة منصور بفارق صوت واحد ويذكر أن العضايلة هو أيضا الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي لكنه سيتخلى عن موقعه لشخص آخر إلى حين الانتخابات التنظيمية في الحزب إذ لا يجوز للعضايلة الترشح لمنصب في الحزب مرة أخرى بعدما استمر دورتين أمينا عاما له المفارقة أن الصراع اليوم في أروقة الجماعة هو بين تيار يقوده العضايلة وآخر يقوده زكي بني ارشيد وكلا الرجلين كانا تقليديا محسوبين على الجناح الصقوري في الجماعة والحزب وكان هذا التيار يواجه جناح الحمائم والوسط في الحركة الإسلامية الذي كان يضم قيادات تاريخية بارزة مثل عبد المجيد ذنيبات وعبد اللطيف عربيات وعبد الحميد القضاة وجميعهم توفوا بينما انشقت قيادات التيار المعتدل الأخرى بصورة جماعية طاولت مئات الأشخاص من الجماعة والحزب منذ العام 2015 وأسس هؤلاء حزبين زمزم والشراكة والإنقاذ اندمج الأول مع حزب الوسط قبل عامين وأصبح اسمه الحزب الوطني الإسلامي وحظر الثاني من الحكومة بعدما اتسم خطابه النقدي بسقف مرتفع على الأقل وفق تقدير مراكز القرار السياسي كان هنالك التيار البراغماتي المعروف بخطابه العقلاني الواقعي في مقابل تيار الصقور الذي كان لا يزال ممسكا بالفكر الرئيسية لسيد قطب وقضية الحاكمية سعى بني ارشيد قام بمراجعات فكرية عميقة كما أخبرني سابقا خلال المرحلة التي سجن فيها إلى أن يملأ فراغ الجناح المعتدل بعد تلاشيه من الحركة فقام بترميم ما تبقى منه مضيفا إليه نخبة من القيادات في الجماعة التي كانت محسوبة سابقا على تيار الصقور وضم إليه شبابا عديدين وأطلق على تياره الجديد مصطلح تيار الوسطية لكن من الواضح أن غالبية الشباب في الحركة الإسلامية هم أقرب إلى التيار المحسوب على الصقور حاليا جناح العضايلة الذي نجح خلال الانتخابات التنظيمية الأخيرة في الحفاظ على موقعه في قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي ثم تمكن من القفز إلى قيادة الجماعة وفي المقابل يحسب لبني ارشيد أنه تمكن من الصمود رغم العقبات والتحديات التنظيمية الداخلية العديدة التي واجهها وكان قد تقرر تجميد عضويته في الجماعة قبل أعوام واستطاع أن يبقى رقما صعبا في الحسابات الداخلية بالمناسبة أوصاف الاعتدال والتطرف والتشدد والبراغماتية هي لغايات تصنيفية اليوم لفهم ديناميكات الاستقطاب داخل الحركة لكنها ليست أوصافا علمية دقيقة لأنه لا يوجد معيار دقيق ولا اختلاف أيديولوجي واضح يميز مثلا ما بين الصقوري والتيار الوسطي في أروقة الحركة ولا يوجد خط فاصل واضح سياسيا بين الجناحين لأنهما يتبادلان مواقف التشدد والتراخي مع السياسات الرسمية بحسب اللحظة السياسية وضمن معركة التنافس الداخلي فقط ويمكن أن يصبح الأخ صقوريا ويمسي وسطيا كما يتندر بعض أعضاء الجماعة كانت الحال في السابق مختلفة فكان هنالك التيار البراغماتي المعروف بخطابه العقلاني الواقعي متأثرا بفكر راشد الغنوشي وحسن الترابي في الثمانينيات ومعهم يوسف القرضاوي في مقابل تيار الصقور الذي كان ولا يزال ممسكا بالفكر الرئيسية لسيد قطب وقضية الحاكمية ويمانع أي تحول براغماتي للجماعة أو اتجاه نحو الانفتاح ووقف ذلك التيار سابقا بصورة شرسة ضد تأسيس جبهة العمل الإسلامي في 1992 ورفض حل الجماعة حينها ثم لاحقا قبل بالتحولات السياسية مع محاولة الحفاظ على بعض القضايا الأيديولوجية بطريقة لا تخلو من تناقضات صارخة رغم أن الجماعة تماسكت تنظيميا ولم تتأثر قدراتها ولا شعبيتها بفقدان جناح الحمائم بالكلية وعوض بني ارشيد ومجموعته ما يسمى الفراغ المعتدل إلا أن نزيف القيادات المعتدلة كان له تأثير في نواح متعددة في صعيد نوعي أكثر منه كميا وهو ما نلحظه من خلال الأزمة المفتوحة المستدامة بين الجماعة ومؤسسات الدولة منذ الربيع العربي 2011 قدمت الجماعة وثيقتين متتاليتين تعكسان تحولات أخرى بنيوية مهمة في خطاب الجماعة فلم تعد تتمسك بالخطاب التقليدي الذي كان يكتفي بصفحة واحدة وبـالإسلام هو الحل مع ذلك قامت الجماعة في المرحلة الماضية بقفزة كبيرة في خطابها الأيديولوجي والسياسي وأطلقت وثيقتها السياسية قبل أعوام التي تمثل تحولا مهما في مجال القبول بالديمقراطية والدولة المدنية والتخلي عن اللغة الدعوية التقليدية وشعار الإسلام هو الحل وأزالت من نظامها الأساسي الإشارات إلى علاقتها بجماعة الإخوان في مصر كما أنها أجرت تعديلات مع الحزب في مجال استدخال المرأة والشباب إلى مواقع القيادة وفي دمقرطة القيادة والفصل بين انتخابات الحزب والجماعة وبإجراءات عديدة كانت سابقا تعد من المحرمات التي تدفع بصاحبها إلى مربعات التخوين والشك مثل تبني القضايا الوطنية والسياسية والإصلاحية الداخلية الذي أصبح منذ أعوام يمثل ركيزة رئيسية في خطاب الجماعة وفي صعيد التصورات الاقتصادية قدمت الجماعة وثيقتين متتاليتين خلال الأعوام السابقة تعكسان تحولات أخرى بنيوية مهمة في خطاب الجماعة فلم تعد تتمسك بالخطاب التقليدي الذي كان يكتفي بصفحة واحدة وبـالإسلام هو الحل والدعوة إلى تطبيق الشريعة إذ قدمت الجماعة وثيقة من مجلد كبير تزدحم فيه الأرقام والإحصاءات في تشريح الواقع الاقتصادي وتقديم البدائل المقترحة التي تخلط ما بين مفاهيم ليبرالية ويسارية تحاول من خلالها الجماعة تقديم برنامج نقدي للسياسات الحكومية الجماعة الأكثر قدرة على تمثيل قاعدة اجتماعية مهمة وهم الأردنيون من أصول فلسطينية في النظام السياسي بالضرورة ثمة تساؤلات عميقة بشأن تأثير حرب غزة على علاقة الجماعة بالدولة بخاصة بعد احتكاكات الاعتصامات أمام السفارة الإسرائيلية في عمان واعتقال مئات من أفراد الجماعة ومؤيديها بصورة غير مسبوقة على خلفية الاعتصامات والمسيرات المرتبطة بغزة وبعضهم لا يزال في السجن وقيد المحاكمة كما نشرت وكالة رويترز تقريرا غريبا أثار العجب والاستغراب حتى بين مسؤولين في مواقع القرار يتحدث عن القبض على خلية مرتبطة بـحركة حماس وإيران تهرب أسلحة وتتشكل من مجموعة من الإخوان المسلمين وهو الأمر الذي فهم منه تصعيد رسمي في مواجهة الجماعة ورسالة إلى قيادتها وهو الأمر الذي في المقابل ينفيه مسؤولون آخرون يرون أن هنالك تضخيما إعلاميا وسياسيا متعمدا للحادثة من بعض الجهات السياسية في الداخل وفي الخارج على أي حال فإن المفارقة الأخرى تتمثل في إعلان الجماعة قرار المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة سبتمبر أيلول 2024 بعد يوم من تمكين التيار المتشدد من الإمساك بمقاليد القيادة وكأنه يوجه رسالة بالاستعداد للانفتاح على المشهد السياسي والانتخابي وبمحاولة ردم الفجوة المتنامية والعميقة مع مؤسسات الدولة وهو أمر أي ردم الفجوة مستبعد تماما فقد جرت مياه كثيرة تحت الأقدام خلال العقدين الأخيرين وفي المقابل ستشعر مؤسسات الدولة بالارتياح والرضا لمشاركة الحركة التي ما زالت تمثل القوة المعارضة الكبرى في البلاد بالإضافة إلى أنها الأكثر قدرة على تمثيل قاعدة اجتماعية مهمة وهم الأردنيون من أصول فلسطينية في النظام السياسي إذ لم يتمكن أي تيار أو حزب من كسر قدرة الجماعة على النفوذ الشعبي في هذه الأوساط

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح