ما هو الأدب الوطني

18 مشاهدة

ذات يوم تمنّى الروائي هنري جيمس ألّا يعرف قرّاؤه (وهو يكتب الإنكليزية بالطبع) ما إذا كان أميركياً يكتب عن إنكلترا، أم إنكليزياً يكتب عن أميركا. وقد وضع بأمنيته المُحيِّرة سؤالاً أكثر إثارةً وعمقاً عن الهوية القومية أو الوطنية للروائي؛ فمن المعروف أنّ جنسية الكاتب الأصلية هي أنه أميركي، لكنه عاش في إنكلترا، وكتب رواياته هناك. ويحتاج المرء إلى قراءة معمّقة لأعماله لاكتشاف الروح العميقة التي تحرّك الأحداث فيها والشخصيات وتحدّد انتماءاتها.

لا يناقش باتريك بارندر في كتابه الأمّة والرواية (المجلس القومي للترجمة، 2009) أعمال هنري جيمس، ولا يحاول تحديد هوية الكاتب، متجاهلاً تصريحه السابق أو أُمنيته؛ وهي رسالة واضحة تشير إلى أنّه لا يعتبره كاتباً إنكليزياً، بينما يتناول أعمال كُتّاب آخرين ممّن يعدّهم منتمين إلى الأمّة الإنكليزية من كتّاب الرواية.

ندور من جديد حول أمنية هنري جيمس لنسأل: من نحن؟

ما المعيار؟ يبدو الناقد حائراً في تحديد الهوية؛ فاللغة - في رأيه - لا تكفي لتسمية الرواية. يأخذ هذا الرأي من واقع الرواية المكتوبة باللغة الإنكليزية؛ فالكتّاب الأميركيون مثلًا، ممّن كانت هويتهم الأصلية إنكليزية، صاروا ينتمون بحسب الهوية الجديدة إلى الرواية الأميركية، وهم يكتبون باللغة ذاتها. كما أن كاتباً مثل فلاديمير نابوكوف بات يُحسب على الرواية الأميركية لا الروسية، على الرغم من هويته الأصلية. وهو ما يضع الرواية العربية ضمن السؤال ذاته، بسبب تعدّد البلدان العربية وتعدّد المهام والمشاغل المختلفة للروائيين، حتى لو كتبوا باللغة نفسها.

ولا يصحّ أيضاً الاعتماد على مكان السكن لتحديد الهوية؛ فكثير من الكتّاب عاشوا في بلدان غير أوطانهم وكتبوا رواياتهم هناك. فجيمس جويس، مثلاً، عاش معظم حياته بعيداً عن وطنه أيرلندا. وكثير من الكتّاب العرب يعيشون في المنافي خارج أوطانهم أيضاً، ومن الصعب نَسبهم إلى تلك البلدان؛ باستثناء الإشكال الذي يثيره كُتّاب عرب لا يكتبون بالعربية، وليس في أعمالهم أيّ هموم أو قضايا عربية من أي جانب من جوانب الحياة. فهل جورج شحادة كاتب لبناني أم فرنسي؟ وهل ألبير قصيري كاتب مصري أم فرنسي؟

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح