اكتفاء غذائي سعودي تجاوز 100 لماذا لا يشعر به المستهلك
أثار تحقيق السعودية معدلات اكتفاء غذائي تفوق 100% في منتجات مثل الروبيان والألبان والبيض وعدد من الخضروات والفواكه، وفق بيانات الهيئة العامة السعودية للإحصاء، تساؤلات متزايدة عن سبب استمرار ارتفاع أسعار الغذاء، رغم هذا الإنتاج الوفير.
ويعزو محللون أسباب هذا الارتفاع إلى عوامل إنتاجية خارجية، مثل تقلبات تكاليف المدخلات المستوردة كالأعلاف والأسمدة، والاعتماد على تقنيات الريّ المكلفة في بيئة جافة، فضلاً عن تأثير تغير المناخ الذي يضغط على المحاصيل والإنتاج الحيواني. فالسعودية، مع محدودية الأراضي الخصبة والمياه، تواجه ارتفاعاً في تكاليف الزراعة المحمية والتحلية، ما يرفع السعر النهائي حتى للمنتجات المحلية الوفيرة، وفقاً لما أورده تقرير نشرته مجلة فرانتيرز إن ساستينابل فود سيستمز (Frontiers in Sustainable Food Systems) المتخصصة في أنظمة الغذاء المستدامة والأمن الغذائي في المناطق الجافة.
غير أنّ السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الأغذية في المملكة يكمن في سلاسل التوزيع غير الكفوءة، بحسب التقرير ذاته، حيث يُفقَد نحو 30% من الإنتاج ما بعد الحصاد بسبب نقص التخزين البارد والنقل الفعال، ما يقلل العرض المتاح في الأسواق المحلية ويسمح للوسطاء بفرض هوامش ربح مبالغ فيها؛ فالإنتاج الزائد يذهب جزئياً إلى التصدير أو يتحول إلى نفايات، تاركاً السوق المحلية عرضة لنقص مصطنع يدفع الأسعار صعوداً رغم الاكتفاء. وفي هيكل السوق السعودية، يفاقم غياب المنافسة الفعالة المشكلة، إذ تسيطر سلاسل تجارية كبرى ومستوردون على التوزيع، محولة السوق إلى نظام يعتمد على الاحتكار النسبي والقيود التنظيمية التي تعوق الدخول الجديد، ما يجعل الأسعار أكثر ارتباطاً بتكاليف اللوجستيات العالمية بدلاً من وفرة الإنتاج المحلي.
وهذا الهيكل يحد من آليات التسعير الحر، ويجعل الاكتفاء الذاتي إنجازاً إنتاجياً دون أثر تنافسي حقيقي على التكاليف بالنسبة إلى المستهلك، حسبما أورد تحليل نشرته مجلة الإنتاجية والتنمية (Journal of Productivity and Development) المتخصصة في الأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي. ولذا، يدعو التحليل إلى إصلاحات فورية في السعودية تشمل تحسين اللوجستيات، وتعزيز الرقابة المضادة للاحتكار، وتشجيع التوزيع المباشر من المزارع، لتحويل الاكتفاء إلى استقرار سعري يحمي الأسر من تقلبات الغذاء.
/>ارسال الخبر الى: