اتفاق بلا ضمانات مأزق وقف إطلاق النار في غزة ولبنان

61 مشاهدة

وقف إطلاق النار كما هو قائم اليوم، يعيد إنتاج المعادلة ذاتها التي حكمت المنطقة منذ عقود: تفاهمات مؤقتة بلا ضمانات، ومحاسبة مؤجلة بلا نهاية.

منذ اللحظة الأولى لإعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدت ملامح الإخفاق واضحة. فالسلوك الميداني الإسرائيلي لم يتغير جوهرياً، واستمرار القصف المتقطع وفرض قيود التجويع يؤكدان أن الحرب لم تتوقف فعلياً، بل انتقلت إلى طور أقل كثافة وأكثر ضبابية في توصيفه القانوني والإعلامي. بذلك، يصبح الحديث عن التزام إسرائيلي ببنود الاتفاق مسألة شكلية أكثر منها واقعية.

الانخفاض النسبي في عدد الضحايا لا يعني تحولاً في طبيعة الصراع، بل يعكس تغير الإيقاع العسكري وتبدل أولويات المرحلة. فالمسألة هنا ليست كمية، بل نوعية، من استمرار الحصار، ومنع دخول الإمدادات الإنسانية، واستهداف البنية المدنية، كلها مؤشرات على أن منطق العقاب الجماعي ما زال هو القاعدة.

اتفاق بلا أدوات تنفيذ

تقوم أي تسوية سياسية، بما فيها وقف إطلاق النار، على توازن بين الالتزامات والضمانات. وفي الحالة الفلسطينية، غابت الضمانات بالكامل. فالاتفاق المبرم برعاية أميركية لم يتضمن آلية رصد مستقلة، ولا إجراءات عقابية واضحة في حال الإخلال بالتنفيذ. والنتيجة المباشرة كانت أن الفصائل الفلسطينية التزمت بوقف العمليات العسكرية، بينما احتفظ الجيش الإسرائيلي بحرية حركة شبه مطلقة، وبما أعاد إنتاج المعادلة القديمة: طرف مقيد، وآخر مطلق اليدين.

هذا الخلل البنيوي لا يمكن فصله عن طريقة تعامل الوسطاء مع الطرفين. فقد جرى التعامل مع الضحية والفاعل بوصفهما متساويين في الواجبات، من دون أي اعتبار للتاريخ الطويل للصراع، أو لسلوك كل طرف في احترام الاتفاقيات السابقة. هذه الصيغة التبسيطية مكنت “إسرائيل” من الاستفادة من الهدنة من دون تحمل ثمن سياسي أو قانوني، في حين تحول الالتزام الفلسطيني إلى عبء يقيّد أدوات الدفاع الذاتي.

يرتبط فشل أي اتفاق بعدم وجود كلفة لخرقه. وفي الحالة الإسرائيلية، تشكل الحماية السياسية الغربية، ولا سيما الأميركية، المظلة التي تمنع أي مساءلة جدية. فالقانون الدولي، وإن كان واضحاً في توصيف الجرائم والانتهاكات، يظل مشلولاً حين يتعلق الأمر بآليات التطبيق.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع المشهد الحربي لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح