إياد قاسم منح جنوب اليمن صوتا طالما كافح حتى يسمع

أراد إياد قاسم أن يكشف كصحفي عن مواطن الخلل وأن يُظهر للعالم منظور جنوب اليمن، لكنه اضطر للفرار بسبب ذلك. واليوم يعيش في مدينة فينترتور السويسرية، ومن هناك يمنح أبناء بلده صوتًا مسموعًا.
بين فنجان الشاي الأسود المتصاعد بخاره وضجيج التلفاز في الخلفية، يقلّب إياد قاسم صحفًا قديمة على طاولة الطعام. يمرر يده برفق على الصفحات المصفرّة، ويقول وهو يشير إلى قصيدة عربية نشرها قبل أكثر من عشر سنوات: «هذا ما كتبته أنا». كانت القصيدة سياسية تتناول ألم وفخر شعب : «قضّوا مضاجعنا.. بتكبيرات نصرهم المؤزر، ونسوا بأنّ الله أكبر، وأنّ من يَمْكُر باسم الله لا يبقى، وأنّ الله أمكر». قصيدة تعبّر، كما يصفها قاسم، عن شعب يتألم ويُدمَّر لكنه لا ينكسر.
على هذه الطاولة يتضّح ما يحرك حياة قاسم: التمسك بكتابة الحقيقة، حتى وإن آلمت. لأكثر من ثلاثة عقود يكافح من أجل أن تُسمع قصص بلاده. واليوم، ومن منزله في فينترتور، يدير قاسم مركز «سوث24 للأخبار والدراسات»، الذي أسسه قبل ست سنوات ليمنح جنوب اليمن صوتًا طالما كافح حتى يُسمع.
تحت أنظار السلطات منذ وقت مبكر
وُلد قاسم عام 1980 في مدينة الضالع بجنوب اليمن، آخر مدينة سقطت بيد الشماليين في حرب 1994. عاش قاسم الصراع بين الشمال والجنوب منذ طفولته عن قرب. كانت الطائرات الحربية تجوب السماء فوق المنازل، وجثث الجنود القتلى تعود إلى عائلاتهم في سيارات ملطخة بالدماء. يقول الرجل البالغ اليوم 44 عاما: «ذلك كان أول مشهد للحرب في ذاكرتي».
في عام 1990 اتحدت الجمهورية العربية اليمنية (شمال اليمن) مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) لتشكيل دولة واحدة: «الجمهورية اليمنية». لكن القوات الشمالية سرعان ما بدأت بالسيطرة التدريجية على الجنوب. وفي عام 1994 اندلعت حرب أهلية استمرت ثلاثة أشهر وأسفرت عن مقتل الآلاف.
بعد الحرب، محا النظام أي ذكر لجنوب اليمن من المناهج الدراسية، وتعامل مع سكان الجنوب كمواطنين من الدرجة الثانية. أُغلقت المؤسسات الإعلامية تباعًا حتى لم يبقَ سوى صوت الشمال حاضرًا في الأخبار.
ارسال الخبر الى: