حاجة إسرائيل لاستعادة البحر الأحمر تكشف حجم التأثير الاستراتيجي للجبهة البحرية اليمنية

فرض “طوفان الأقصى” على العدو الإسرائيلي حاجة ماسة لتحديث استراتيجيات أمنه القومي بشكل شامل للتعامل مع التطورات الكبيرة التي واجهها، وقد كانت جبهة الإسناد اليمنية لغزة واحدة من التطورات الرئيسية التي خلقت هذه الحاجة إلى التحديث، لأن اشتعال هذه الجبهة لم يكن بالحسبان أصلا، وكذلك تأثيراتها الكبرى، بما في ذلك الحصار البحري الذي لم تقتصر تداعياته على الخسائر الاقتصادية، إذ حول “البحر الأحمر” من منطقة نفوذ أساسية للأمن القومي الإسرائيلي ولمشروع الهيمنة على الإقليم، إلى ساحة تهديد بنفس الدرجة من الأهمية والتأثير، وهو ما تعكسه بوضوح اليوم طبيعة المحاولات الإسرائيلية الحثيثة لصياغة استراتيجية جديدة للتعامل مع هذا التهديد.
مذكرة من نحو 70 صفحة بعنوان “إسرائيل في ساحة البحر الأحمر: استراتيجية بحرية محدثة” أعدها اثنان من أبرز باحثيه، وهما يوفال أيالون الرئيس السابق لحوض بناء السفن في البحرية الإسرائيلية، ويوئيل جوزانسكي العضو السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وقد تناولت المذكرة حاجة إسرائيل إلى “صياغة مفهوم استراتيجي طويل الأمد للتعامل مع البحر الأحمر كأكثر من مجرد ساحة أمنية” معتبرة أن هذه الحاجة أصبحت “ركيزة أساسية للأمن القومي الإسرائيلي”، ولتلبيتها يجب أن تكون إسرائيل جزءا من تحالف إقليمي واسع يجعل دول المنطقة “شريكة في العقيدة الأمنية لإسرائيل” ويرسخ النفوذ والتواجد الإسرائيلي في البحر الأحمر كـ”أصل استراتيجي” بالنسبة للمنطقة كلها.
الأمر لا يتعلق بطموحات توسعية معزولة عن سياق الأحداث، فالمذكرة الموجهة إلى صناع القرار في كيان العدو تهدف في الأساس لتقديم حل للمشكلة الكبرى التي جسدتها العمليات البحرية اليمنية خلال العامين الماضيين وجسدها إغلاق ميناء أم الرشراش، البوابة الجنوبية لإسرائيل، وهي مشكلة فقدان البحر الأحمر كـ”ساحة استراتيجية تتداخل فيها المصالح الجيوسياسية، والاقتصاد العالمي، والتنافس بين القوى العظمى، والمخاطر الأمنية غير العادية”.
ترى المذكرة أن صنعاء وفرت للمشروع المناهض لإسرائيل “نفوذا استراتيجيا” في البحر الأحمر وتقول: “إن الحوثيين اليوم فاعل مسلح يتمتع بقدرة دولية على المناورة، ويظهرون مزيجا خطيرا من القدرات العسكرية المتنامية، والأيديولوجية المتطرفة، والاستعداد لتقويض النظام الإقليمي من أجل اعتباراتهم السياسية والاستراتيجية،
ارسال الخبر الى: