إسرائيل تعتدي قطر تدين وأمريكا تبرر
لم يعد العدوان الصهيوني بحاجة إلى أقنعة أو ذرائع، فقد وصل إلى الدوحة نفسها، مستهدفًا وفدًا تفاوضيًا سياسيًا يُفترض أنه محصن في كنف دولة تدّعي الحياد والوساطة. لكن نتنياهو، كعادته، يضرب عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين، ويوجه رسائله الوقحة إلى العرب جميعًا: أنتم عبيد عند واشنطن، ومن كان عبدًا لأمريكا فهو عبد عندي، ولا أخاطبه إلا بلغة العصا والجزرة.
وهنا يطرح السؤال نفسه: هل ستكتفي قطر ببيان إدانة وخطاب حماسي يملأ الفضائيات دون أن يتجاوز دائرة الكلام، أم أن لديها الجرأة لتستخدم أوراق الضغط التي تختزنها؟ فعضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، وما تنص عليه مواثيقه من ردع جماعي لأي اعتداء يهدد أمن أعضائه، تجعلها أمام امتحان حقيقي: إما أن ترتقي إلى مستوى الحدث، أو تبقى أسيرة دور الوسيط المقيّد بالإرادة الأمريكية.
قد يُقال إن لدى الدوحة دفاعات جوية تعاملت مع الصواريخ الإيرانية سابقًا، لكن الحقيقة أن قرار تشغيل تلك المنظومات مرهون بالمزاج الأمريكي. أما التبرير بأن الصواريخ الإسرائيلية لا ترصدها الرادارات فليس إلا ذريعة واهية؛ فمسار الطائرات المهاجمة مرّ عبر الأردن والعراق ثم أجواء الخليج، فهل يُعقل أن تغيب عن رادارات البوارج الأمريكية وأقمارها الصناعية؟! بل كيف يُصدَّق أن شبكة العلاقات الأمنية لقطر مع أجهزة الاستخبارات الخليجية والأوروبية لم تنقل إليها أي إشعار مسبق؟
الأمر أكثر تعقيدًا مما يبدو، فالضربة التي نُفذت بعشر طائرات لا يمكن فصلها عن سيناريوهات مدروسة. هل تم إبلاغ القادة المستهدفين مسبقًا بالإخلاء؟ وهل كانت الرسالة “نارية بلا دماء” لإيصال إنذار لا أكثر؟ أم أن واشنطن وتل أبيب خططتا لهذه العملية كجزء من لعبة أكبر، تُعيد المفاوضات إلى طريق مسدود وتدفع بحرب غزة إلى نفق مظلم بلا نهاية، خدمةً لطموحات ترامب قبل نتنياهو، حيث أحلام “منتجعات ساحل غزة” تطل من خلف دخان الصواريخ؟
إن العدوان الأخير ليس مجرد استهداف موضعي، بل هو حلقة من مشروع أكبر لإخضاع المنطقة، وكشف ظهر كل دولة تراهن على الحماية الأمريكية. وما جرى في الدوحة ليس إلا جرس إنذار بأن
ارسال الخبر الى: