إرادة الإنسان بين السعي والامتحان وإرادة الله بين الحكمة والعدل
لم تكن علاقة الإنسان بإرادَة الله يومًا علاقة صراع أَو تضاد، بل علاقة انسجام ودروس وامتحانات، يُختبر فيها صدق السعي ونقاء النية وعمق الإيمان.. وفي الوقت الذي يسير فيه الإنسان بخطواته المحدودة، يظل القدر يمضي وفق مشيئة الله المطلقة، فيتحقّق قول الحقيقة الخالدة: “أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد”.
هذه العبارة تلخّص فلسفة الوجود الإنساني، حَيثُ يسعى الإنسان بما أوتي من عقل وقوة، ويجتهد، ويخطط، ويقاتل الظلم، ويجاهد في سبيل الله ونصرة المظلومين، لكن تبقى النتائج مربوطة بحكمة الله وعدله، فهو الأعلم بما نريد، والأعلم بما يريد عدونا، والأعلم بالمآلات التي تخفى على عقول البشر مهما بلغت معرفتهم.
وحين نعيد قراءة واقع الأُمَّــة العربية والإسلامية اليوم، ندرك أن الفجوة بين إرادَة الشعوب وإرادَة الأنظمة الحاكمة أصبحت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
الشعوب تريد العزة والكرامة، تريد أن تقف مع غزة، تريد أن تقول كلمة الحق، تريد أن تنتصر للمظلومين في فلسطين ولبنان واليمن وبقية ساحات المواجهة.
لكن كَثيرًا من الأنظمة اختارت طريقًا آخر، طريق الصمت والتطبيع والخنوع، طريق التخلي عن الأُمَّــة في أشد لحظاتها ظلمة، وكأنها نسيت أن إرادَة الله فوق كُـلّ إرادَة، وأن حساب الشعوب قد يصبر لكنه لا ينسى، وحساب الله أعظم وأدق.
الإيمان الحقيقي لا يظهر في لحظات الراحة، بل يختبر في أوقات المحن، والإرادَة الصادقة لا تُقاس بالشعارات، بل بالمواقف.
وعندما نرى من يقف مع الحق رغم التهديد والحصار، ويدافع عن المظلوم رغم التجاهل الدولي، ويجاهد في سبيل الله بما يستطيع، ندرك أن هؤلاء فهموا جوهر الإيمان، وأنهم يوقنون أن إرادَة الله لا تخذل صاحب موقفٍ عادل.
فالله يعلم من يعمل لنصرة الحق، ويعلم من يقف إلى جانب المحتلّ أَو المهزوم نفسيًّا، ويعلم من يخون أمته في لحظة يختبر فيها التاريخ معادن الرجال.
وفي سياق ما تتعرض له غزة من حصار ومجازر وإبادة جماعية، تتجلى بوضوح فجوة الإرادات: إرادَة المقاوم الذي يقاتل بثبات، إرادَة الشعوب التي تصرخ؛ مِن أجلِ الحق، وإرادَة المحتلّ الذي
ارسال الخبر الى: