أنطونيو غرامشي وحقيقة الحرب مقالات مختارة بالعربية
اللامبالاة، بالصورة التي يعرضها كتاب أكره اللامبالين أو ينتقدها، بتعبير حاد، هي الكراهية؛ أي الحياد السلبي في الشأن العام. والكتاب مقالات مختارة للفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي، ترجمة مينا شحاتة، وتقديم محمّد آيت حنّا، صدر عن دارَي تكوين والرافدين. وتُقرأ هذه الكراهية، التي يصرّح بها عنوان إحدى مقالات الكتاب، ضمن توصيفات أوسع تبحث في ارتباط السياسة بالأخلاق.
ينطوي الكتاب على تحريضٍ إيجابي، يبدأ من موقف ضدّ اللامبالاة، باعتبارها آفة سياسية عندما تنتقل إلى الفضاء العام، وليست خللاً في الشخصية فقط، يدفع المرء إلى التخلي عن مسؤوليته باعتباره مواطناً، مع رؤية غرامشي ارتباط المواطنة بتحمّل المسؤولية العامة، لا بوصفها شكلاً للانتماء الإداري، إنما بوصفها موقفاً يتطلّب ويقتضي ويفترض المشاركة الواعية في القرار السياسي. حتى إنّ اللامبالاة في هذا الحيّز، تظهر مفردة سامّة، تلتصق مع الكلمات الناصحة التي تعقبُ حدثاً سياسياً، أو هزيمة. ومقالات غرامشي، في النهاية، تقول بضرورة تغيير نمط الفعل، لا الاكتفاء بتغيير الشعارات.
المقالات المختارة كتبت في الفترة 1916 – 1918، مع ما تشير إليه هذه الفترة من ارتباط بجوّ الحرب العالمية الأولى. مناخٌ أو ارتباطٌ يسم جزءاً من مقالات المنظّر الماركسي، في فصل بعنوان ضدّ الحرب، بخاصة في توصيفه الحرب على أنها حتمية برجوازية، تنشأ وتحدث بسبب حاجة النظام الرأسمالي إلى تنظيمات اقتصادية أكثر ملاءمة للرأسماليات القومية. فالحرب، وفق النظرة الرأسمالية، قد تكون فرصة لرفع الإنتاجية وتنشيط التبادلات التجارية.
اللامبالاة تقود الشعبويين ودعاة الحرب إلى تصدّر المشهد
مع ذلك، لا يعرض غرامشي هذه التصوّرات بصورة قطعية سببية، بل يرى الحرب جزءاً من تراث البشرية، يراها شرّاً يجب تفاديه، وحدثاً يجب تجنّب وقوعه. لأنّ الأسباب النظرية لإشعال الحرب، وفق هذا التصوّر الاقتصادي، إنما هي أسباب يومية. لذلك فالمهمة التي يرجوها غرامشي، هي أن يُعتقل الشر في شبكة من الرقابة المحكمة، تمنعه من أن يصير شراً فعلياً نشطاً.
وما نقدُ غرامشي لامبالاة الفرد، إلا لأن هذه اللامبالاة تقود، بشكلٍ أو آخر، الشعبويين إلى تصدّر المشهد، مع جوقة من مثيري الرعب
ارسال الخبر الى: