أسرار تصفية القيادات ومقتل الرئيس عبد الفتاح إسماعيل بمذبحة عدن

على امتداد أكثر من قرن، ظل جنوب اليمن خاضعا للسيطرة البريطانية، التي حولت عدن ومحيطها إلى نقطة ارتكاز محورية ضمن شبكتها الإمبراطورية العالمية، وفي ظل هذا الواقع الاستعماري الطويل، ظهرت بوادر مقاومة محلية على فترات متباعدة، لكنها بقيت مشتتة وضعيفة التأثير، ولم تنجح في تقويض النظام الاستعماري الراسخ.
بيد أن الأمور بدأت تتغير بصورة ملموسة مع حلول النصف الثاني من القرن الـ20، حين ظهرت تنظيمات سياسية مسلحة ذات توجه تحرري، أبرزها جبهة التحرير والجبهة القومية.
ومع تصاعد العمل المسلح ضد الوجود البريطاني في جنوب اليمن، وجدت بريطانيا نفسها مضطرة إلى اتخاذ قرار الانسحاب، بعد قرابة 129 عاما من الهيمنة الاستعمارية، وفي خضم هذا التحول برزت الجبهة القومية باعتبارها القوة السياسية والعسكرية الأبرز على الساحة.
وفي 26 سبتمبر/أيلول 1962 قامت الثورة في الشمال بقيادة عبد الله السلال ضد الملكية وإعلان الجمهورية، بمساندة مصر التي أرسلت جيشها لدعم هذه الثورة.
وتأثرًا بهذه الأحداث، قادت الجبهة القومية في اليمن الجنوبي وأنصارها بدعم من الرئيس المصري جمال عبد الناصر -بداية عام 1963- مواجهة الاستعمار البريطاني الموجود في عدن والمحميات منذ عام 1839 ودعم الحركات الوطنية المطالبة بالاستقلال ماديا وعسكريا وإعلاميا.
من الثورة إلى الصراع على الدولة
وبالفعل بدأت الجبهة القومية في تعز بقيادة قحطان الشعبي حملتها الإعلامية والعسكرية ضد بريطانيا بدعم كامل من الرئيس عبد الناصر، وافتتحت الجبهة القومية نضالها بثورة 14 أكتوبر/تشرين الأول 1963 في جنوب اليمن كحراك شعبي مسلح ضد الاحتلال البريطاني.
وبعد سنوات من النضال والتضحيات الجسيمة، نجح الثوار في فرض واقع جديد على الأرض، توّج بإعلان الاستقلال الكامل في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، لتنتهي بذلك مرحلة استعمارية طويلة كانت قد رُسخت عبر القمع والتفكيك البنيوي للمجتمع.
وكما يذكر جوزيف كوستينر في كتابه الصراع من أجل جنوب اليمن فإن مرحلة ما بعد التحرير سرعان ما اتّسمت بتنازع حاد على السلطة بين الفصيلين الرئيسيين في الحركة الوطنية، الجبهة القومية وجبهة التحرير.
سرعان ما تطوّر النزاع إلى مواجهات مسلحة، وانتهى الأمر بتفوق الجبهة
ارسال الخبر الى: