أرشيف الكاسيت السوري كي لا يضيع صوت امرأة تغني من شباك بيتها
في دمشق، تفترش بسطات كبيرة متصلةٌ الطريقَ تحت الجسر الذي كان يعرف منذ عقد السبعينيات حتى قبل ستة أشهر فقط باسم جسر الرئيس حافظ الأسد. تبيع هذه البسطات أشرطة الكاسيت الشعبية. كان هذا المشهد جزءاً من ملامح دمشق الثابتة طوال عقود متتالية حتى بدايات الألفية الجديدة، إذ بدأ بالانحسار تدريجياً إلى أن اختفى تماماً. بين ملامح المدينة الثابتة في تلك الحقبة أيضاً، متجر الحواصلي الواقع في منطقة الحمرا في قلب العاصمة السورية، والذي كان مقصداً لهواة الموسيقى الغربية في التسعينيات، ولا سيما محبي موسيقى الروك والميتال. كان صاحب المتجر، طارق الحواصلي، جاراً للموسيقي فاهيه تمزجيان ببرنامجه المعروف فيه حينه لغة العالم الذي كان يبث على التلفزيون السوري في التسعينيات.
أين اختفت كل هذه الكاسيتات التي ملأت المتاجر السورية؟ وكيف قرر سائقو الميكرو باصات استبدال الكاسيتات بالفلاشات؟ ساقنا هذا الفضول إلى رحلة في أرشيف الكاسيتات السورية التي أوصلتنا أخيراً إلى محطة تمثّل جانباً من الذاكرة السورية، هي أرشيف الشريط السوري. ظل السوريون متمسكين بالأرشيف حتى مطلع الألفية، وظلت هذه العلاقة عينها، حتى دخل قرص الـسي دي الأسواق السورية، وحينها توارت محلات الكاسيتات تدريجياً تاركة المساحة للتكنولوجيا الجديدة.
قبل هذه الفترة بسنوات، زار الموسيقي الأميركي ذو الأصول العراقية، مارك جرجس، سورية للمرة الأولى، كان هذا بالتحديد عام 1997. وفي شوارع البلاد وأزقتها أغوته تلك الموسيقى الشعبية السورية التي تسللت إلى مسامعه من كل مكان، وحفزت اهتمامه نظراً إلى خلفيته الموسيقية من جهة، وأصوله المشرقية من جهة ثانية. بعدما يقرب من عقدين على هذه الزيارة، التقى بالموسيقي السوري يامن مقداد، الذي انتقل للعيش في بريطانيا عام 2011، وحينها بدأ العمل على مشروع توثيقي وثقافي يحفظ أصوات سورية الشعبية، بعيداً عن مؤسسات الدولة وسردياتها الرسمية.
كان مارك جرجس يرغب بزيارة بلاده، وفق ما يقوله لـالعربي الجديد، إلا أنه لم يتمكن من الذهاب إلى العراق على الرغم من أنه اطلع على موسيقى بلاده من خلال الأفراح والسهرات العائلية في ديترويت. خلال زياراته إلى سورية، راكم
ارسال الخبر الى: