أحلام عازف الخشب رحلة نصير شمة الموسيقية

18 مشاهدة

يمكن النظر إلى تجربة الموسيقي نصير شمّة بوصفها مساراً موسيقياً تشكّل في بيئة مركّبة، تجمع بين الذاكرة وندوب الحرب وأسئلة الهوية، وتكشف في الوقت نفسه عن قدرة العود على حمل سردية شخصية وثقافية متشابكة. هكذا كان الناقد العراقي الراحل خضير ميري قد قدّم كتابه أحلام عازف الخشب: رحلة جمالية مع نصير شمّة وموسيقاه، في محاولة لقراءة هذا المسار، من خلال نصوص ومتابعات تتتبع تحولات الفنان منذ بدايات مشواره وحتى حضوره العالمي.

من العراق إلى العالم

يقترب الكتاب، الصادر حديثاً ضمن سلسلة فنون عن منشورات وزارة الثقافة العراقية، من عالم شمّة، بوصفه شخصية ثقافية حملت هموم العود العربي إلى فضاءات أبعد، وحوّلت تجربته الموسيقية إلى مشروع إنساني واسع، كما يقف عند التفاصيل التي ساهمت في تشكيل تجربة العازف العراقي: علاقة العازف بآلته، وأثر البيئة الأولى في اشتغالاته، ومسارات التعلمّ والبحث.

ينبني الكتاب على مقالات ومذكرات تستعيد رحلة الفنان منذ خطواته الأولى في العراق، وسط ظروف اجتماعية وسياسية ثقيلة تحضر فيها القسوة منذ البداية، قبل أن ينطلق إلى عواصم العالم حاملاً عوده بوصفه علامة ثقافية وهوية متنقّلة. ويتتبع المؤلف التحولات التي مرّ بها شمّة، وكيف غدا العود جزءاً من تكوينه، موزّعاً تأملاته على ثلاثة عشر فصلاً تتدرج من السيرة الشخصية إلى الرؤيا الجمالية، وتستعيد محطات حياته في عناوين مثل أسطورة الطفل الذهبي، وحلم سقراط، والجحيم الشخصي، وولادة الموسيقى من روح المأساة، وشيطان العود، وسحر وشعر وموسيقى، لتكشف عن تعدد الطبقات التي تشتغل داخل تجربة شمّة.