في الخامس من الشهر المقبل تنطلق فعاليات الدورة الثامنة والخمسين من مهرجان الحمامات الدولي في المدينة الواقعة شمالي شرق تونس وتستمر حتى الثالث من أغسطس آب دورة ستحتفي وفق ما أعلنه المنظمون بمرور ستين عاما على افتتاح مسرح الهواء الطلق في المركز الثقافي الدولي بالمدينة الذي شهد انطلاق الدورة الأولى بعرض لمسرحية عطيل لشكسبير في الحادي والثلاثين من يوليو تموز 1964 هذه المسرحية ستعرض في المكان نفسه مع افتتاح الدورة الجديدة لكن وفق رؤية إخراجية وسينوغرافية معاصرة بإخراج حمادي الوهايبي لتستمر البرمجة التي تتوزع بين العروض الغنائية والموسيقية والكوريغرافية إضافة إلى العروض المسرحية التي تمنح المهرجان خصوصية وهوية ثقافية وفنية حافظ عليها منذ ستة عقود وفق تصريح لمديره نجيب الكسراوي الذي لخصص هذه الخصوصية في الانتصار للمسرح وانتقاء أفضل العروض من تونس وخارجها غير أن شعار انتصار المهرجان للفن الرابع سيوضع محل تساؤل بعد تداول وسائل إعلام محلية في الأيام الماضية خبرا عن منع المنظمين مسرحية آخر البحر للمخرج التونسي الفاضل الجعايبي إنتاج المسرح الوطني التونسي ومركز الفنون في جربة من المشاركة في الدورة الثامنة والخمسين بتبريرات أخلاقية وهو ما أثار ردات فعل منددة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تروي المسرحية قصة امرأة يمنية تهاجر إلى تونس بحثا عن حياة أفضل في حسابه على فيسبوك كتب الأكاديمي والناقد المسرحي التونسي عبد الحليم المسعودي العقل الثقافوي الذي يمارس الرقابة على مسرحية آخر البحر للفاضل الجعايبي ويحرمها من المشاركة في برنامج مهرجان الحمامات الدولي بتعلات أخلاقوية لا يستأهل أن يكون مسؤولا عن الشأن الثقافي في مؤسسة ثقافية بحجم المركز الدولي المتوسطي للحمامات ولا أظن أن هذا العقل يفقه شيئا في المسرح التونسي أو في تاريخه الإبداعي والنضالي أو في فاعلية العلاقة بين المسرح وجمهوره مضيفا أن القرار يبرهن عن تلك البذاءة الذهنية الرسوبية والنكوص الارتدادي المتخفي باسم الأخلاقوي على حساب بناء الوعي العام نقديا وتفكيكيا عبر الفن الجاد وعن ذلك الفقر المدقع لفهم التحولات الفكرية والجمالية التي تعيشها تونس منذ الثورة أثار كلام المسعودي تفاعلا واسعا حيث جرت مشاركته والتعليق عليه بشكل لافت خصوصا من قبل مشتغلين في مجال المسرح أجمع كثير منهم على التنديد بالمنع بينما قال بعضهم إنه تعرض لتجربة مماثلة ردا على ذلك قال مدير المهرجان نجيب الكسرواي إن كل ما قيل ويقال عن منع المسرحية من المشاركة لا أساس له من الصحة موضحا في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أن المسرح الوطني رشح عملين هما آخر البحر لفاضل الجعايبي ورقصة سماء لطاهر عيسى بالعربي فجرى اختيار الثانية تكريما للفنانة منى نور الدين مواليد 1939 التي تشارك فيها والتي كانت من بين المشاركين في العرض الافتتاحي للدورة التأسيسية عام 1964 ورفض الكسراوي اتهام المهرجان باستبعاد المسرحية لأسباب أخلاقية قائلا نحن بعيدون عن هذه الممارسة وبرمجة الأعمال الفنية لا تتم وفق أهواء مدير المهرجان بل تنطلق من الرأي الاستشاري للجنة الفنية وقرار الهيئة المديرة يذكر أن آخر البحر التي عرضت لأول مرة في يناير كانون الثاني الماضي هي خامس مسرحية يقدمها فاضل الجعايبي 1945 بعد الثورة التونسية وهي استكمال لمسرحياته الأربعة تسونامي 2013 والعنف 2015 والخوف 2016 ومارتير 2020 التي يتناول فيها الواقع التونسي بعد 2011 في ثلاث ساعات تروي المسرحية المقتبسة من أسطورة ميديا الإغريقية قصة امرأة يمنية يدفعها البحث عن حياة أفضل لمغادرة اليمن إلى تونس باعتبارها بلدا يتمتع بالحقوق والحريات واحترام المرأة لكنها تواجه فيه واقعا لا يقل سوءا عن ذلك الذي تركته وراءها