بعد بدء بثه على شاشة المنصة الأميركية نتفليكس في 21 يونيو حزيران الحالي تشن حملة ضد فيلم Trigger Warning للمخرجة الإندونيسية مولي سريا بسبب لقطات أولى يذكر فيها أن العربي إرهابي 90 ثانية كافية لتأكيد المعروف من يملك قوة إعلامية والترفيه السينمائي جزء أساسي منها يفعل كل ما يريده من دون رادع أخلاقي أو مراقب يقول إن خطأ أو تزويرا حاصل في قول مالك تلك القوة والحملة التي تريد إيضاح بعض الوارد في تلك الثواني مكتفية بنشر المناسب في وسائل تواصل اجتماعي ونشر المناسب ضروري مع أن تجارب سابقة تشير إلى أن مالك القوة الإعلامية غير آبه وأنه مستمر في قول ما يريده المشكلة الأبرز كامنة في جانب آخر مرتبط مباشرة بصناعة فيلم يفترض به أن يكون سينمائيا مع أن وسيلة العرض منصة ذاك أن ما تقدمه نتفليكس في Trigger Warning غير متوافق ونمط أفلام التشويق والمطاردة بما فيهما من كشف لفساد سياسي ـ عسكري أميركي ومن أفعال عصابات تتاجر بأسلحة مسروقة من الجيش الأميركي المشكلة بارزة في أعطاب درامية وفنية وسردية وجمالية تصيب عملا غير متمكن من إثارة متعة أو تسلية على الأقل لشدة بهتانه وخلله والمسار العادي جدا لأحداثه والمصائر الأقل من عادية لشخصياته مع أن الترجمة العربية الحرفية للعنوان الإنكليزي Trigger Warning تحتمل معنيين إطلاق التحذيرات وتحذير الزناد تختصر نتفليكس الترجمة بمفردة واحدة تحذير مع علامة التعجب أما التعبير المبطن في كلمتي العنوان الإنكليزي فيمكن تفسيره بالتالي تحذير الزناد يطلق قبل قراءة نص أو مشاهدة فيلم للإشارة إلى أن فيهما ما يزعج أفرادا ربما خاصة أولئك الذين يختبرون تجربة مؤلمة لكن هذه التحذيرات كلها بمعانيها المختلفة الواقعية أو المجازية غير فاعلة مع متابعة مسار أحداث تعيشها الشخصية الأساسية باركر جيسيكا ألبا منذ أول مشهد في بادية الشام في سورية كما يذكر في الثواني القليلة الأولى هناك تطارد الجندية الأميركية المنتسبة إلى الوحدات الخاصة من مسلحين مدنيين يتكلمون اللغة العربية ويتهمون بالإرهاب بعد اكتشافهم أنها وزميلها غير عاملين في منظمة الإغاثة الأميركية هذه لافتة مطبوعة على سيارة مصفحة يقودها زميل باركر وهي إلى جانبه في المطاردة نفسها التحذيرات غير نافعة مع أن ما يقدمه الفيلم يمكن تفسيره بتحذير مسبق لمن يختار مشاهدته احذروا مشاهدة هذا الفيلم ليس لأن فيه ما يزعج بل لأن ما فيه من أحداث ممل وبائس ومتوقع ومن تكرار بليد لأفلام سابقة ملخص الحكاية يقول إن باركر بعيد نجاتها من المطاردة بمساعدة رفاقها تصطدم بأحدهم إذ يبدأ قتل الرهائن فتنقض عليه بيديها وبسكين يكتشف لاحقا سبب براعتها في استخدامه بحجة أنها تريد استجوابهم لا قتلهم مع أن في تعابيرها ما يوحي بـإنسانية تبدو في اللقطة هذه مقززة تبلغ بنبأ وفاة والدها في المنجم الملاصق لبلدتها الصغيرة كرييشن التي يبدو أن عائلة سوان مسيطرة عليها لافتة الاستقبال في مدخلها تذكر أن البلدة مقاطعة سوان وهذا غير عابر أحد أبناء تلك العائلة يدعى جيسي مارك ويبر رئيس الشرطة فيها والحبيب السابق لباركر لوالدها حانة ووالدها نفسه يدربها على استخدام السكين ويجعل المنجم حيزا لراحته قبل أن يتوفى فيه وسبب الوفاة ينكشف تدريجيا الانكشاف نواة درامية للنص كله ذاك أن شعورا يهز باركر ببطء أولا يدفعها إلى الشك بمسألتين عدم انتحار والدها فشخصيته غير مائلة إلى ذلك وعدم ارتكابه خطأ في متفجرات تستخدم في المناجم عادة لبراعته التقنية في التعامل معها فهو خبير عسكري سابق في هذا المجال والنص كتابة جون برانكاتو وجوش أولسن وهالاي غروس غير جديد بشيء وغير مسل لشدة ما فيه من تكرار فاقع لمسائل مشغولة في أفلام أميركية كثيرة بعضها أفضل سينمائيا ودراميا وفنيا بلدة صغيرة تتحكم بها عائلة تجمع بين السياسة والفساد والمال والعصابات ومقتل رجل نزيه ومستقيم يدفع ابنته الجندية في جيش البلد والجيش نفسه يتعرض لفساد وسرقات مع تلك العائلة وعبرها التي تطارد الإرهابيين في العالم وهذا قول لوالدها عنها ينقله إليها رئيس الشرطة جيسي مطاردة العائلة لها أقل من عادية سينمائيا تمثيل مبالغ به واستعراض ممل لقتال بالأيدي وتفجير قذائف وإطلاق رصاص وصنع مخدرات وتعاطيها وما يرافق هذا من نزاع بين خير وشر ينتصر الأول على الثاني في ختام الـ 106 دقائق التعذيب الجسدي الذي تعانيه باركر يبدو ظاهريا غير محتمل لكنه سينمائيا غير منجز بمنطق يثير مصداقية عملية لهذا النوع من الخضوع لتعذيب متنوع من يؤدي أدوار رجال العصابات وغيرهم غير مقنعين واللقطات الطويلة التي تعكس لحظات صفاء تذكر باركر بماضيها مع والدها وبأسئلتها المختلفة عن مقتله والبلدة وتفاصيل أخرى عادية تلك اللقطات متعبة وساذجة الجميل الوحيد كامن في طبيعة تمزج شيئا من قسوة في مناخ وأمكنة وأفراد بلحظات خاصة أول الليل أو قبيل منتصفه صافية ذات ألوان غامقة تصوير زوي وايت وديكور طبيعي يفترض به أن يوحي برومانسية تظهر غير متلائمة البتة مع الحاصل في البلدة من فساد وقتل وصفقات وخيانات واستسلام وحرق ومواجهات الجمال الآخر بشري تحافظ عليه جيسيكا ألبا 1981 مع أن باركر تكاد تتشوه من شدة التعذيب والتشوه السينمائي القليل لضرورات درامية بحتة لن يحجب ما لديها من بهاء يشع منها رغم كل شيء