صدى الساحل - متابعات
تواجه إيران أزمة وجودية في استراتيجية ردعها التقليدية، بعد انهيار أركانها الأربعة تحت ضربات متتالية من إسرائيل والولايات المتحدة.
ويعكس فشل استراتيجية الردع الإيراني تراجعاً غير مسبوق في قدرات البلاد على حماية نفسها وحلفائها، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية وعسكرية تعيد رسم موازين القوى.
اعتمدت إيران لعقود على أربعة محاور رئيسية لبناء استراتيجية ردع تواجه بها التهديدات الخارجية، خاصة من إسرائيل والولايات المتحدة.
أول هذه المحاور كان الترسانة الصاروخية في الحرس الثوري، والتي تضم آلاف الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
واستُخدمت هذه الأسلحة في عمليات انتقامية بارزة، مثل الضربات التي أعقبت اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني عام 2020.
لكن هذا الركن بدأ يهتز مع تطور أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، التي نجحت في اعتراض الغالبية العظمى من الصواريخ الإيرانية خلال هجومي “الوعد الحقيقى” في أبريل/ نيسان 2024، مما كشف عن محدودية الفاعلية العسكرية لهذه الترسانة.
المحور الثاني تمثل في شبكة الجماعات الوكيلة المنتشرة من لبنان إلى اليمن، والتي اعتُبرت امتداداً للنفوذ الإيراني. وكان حزب الله اللبناني – بترسانته المقدرة بـ150 ألف صاروخ – جوهرة هذه الشبكة، حيث شكل تهديداً وجودياً لإسرائيل عبر عقود.
لكن الضربات الإسرائيلية المكثفة خلال العامين الماضيين، والتي استهدفت قيادات الحزب ومخازن الأسلحة، قلصت قوته العسكرية بنسبة 70 في المائة، وفق تقديرات إسرائيلية.
كما فشلت جماعات أخرى مثل الحوثيين في اليمن في تحقيق اختراقات استراتيجية، حيث لم تؤثر هجماتهم على الملاحة البحرية بشكل جوهري على الاقتصاد الإسرائيلي أو العالمي.
أما المحور الثالث، فتمحور حول العمليات السرية التي نفذتها أجهزة مخابرات إيرانية بالتعاون مع حزب الله، بدءا من تفجير سفارة إسرائيل في الأرجنتين عام 1994 إلى محاولات اغتيال شخصيات معارضة في أوروبا، وفق التقرير ذاته.
وسعت طهران عبر هذه العمليات إلى زرع الخوف وكسب نقاط ضغط. لكن العقود الأخيرة شهدت تراجعاً ملحوظاً في فاعلية هذه الأساليب، بسبب تحسن القدرات الاستخباراتية الغربية، وتزايد التكلفة السياسية لمثل هذه العمليات.
شكل عام 2024 نقطة تحول كارثية