تكتل إسناد الدولة ورقة عمل مقدمة إلى ندوة ”تحديات بناء الجيش والأمن في تعز” اعداد / مفيد الهويش
ورقة عمل مقدمة إلى ندوة ”تحديات بناء الجيش والأمن في تعز”
اعداد / مفيد الهويش
اثر اقتحام الانقلابيين لتعز نهاية مارس 2015 أعلن اللواء 35 مدرع تأييده للشرعية وانضم إلى الشرعية وطرد القائد السابق الذي تعاون وحارب مع الميليشيات خلال دخول التربة وتم تعيين العميد الركن عدنان الحمادي قائدا للواء، وبدأ اللواء أول المعارك ضد الميليشيات الانقلابية وتصدى لها وخاض ضدها أشرس المعارك، حيث نشر اللواء أسلحته ودباباته واتخذ خطوات جريئة واستباقية بالنسبة لسحب المعدات والأسلحة إلى أهم المواقع في مدينة تعز في جبل جرة والستين والأربعين والزنقل والمناطق التي كانت مربع خاص للواء 35، وبعد سقوط اللواء وبعد الدور الكبير الذي قام به سلم تلك المواقع مباشرة إلى المقاومة الشعبية في تعز آنذاك والتي قادها الشيخ حمود المخلافي، ليكون بذلك نواة المقاومة الشعبية ونواة الجيش الوطني.
في حوار صحفي أجري معه يتحدث العميد ركن عدنان الحمادي عن تشكيل النواة الأولى للجيش الوطني في تعز فيقول ”في شهر أغسطس 2015 أنا كنت خرجت من المدينة وبدأنا في جبهة الضباب إلى جانب يوسف الشراجي بدا بتسجيل جبهة الضباب بعد ما شكل المجلس العسكري في تعز، وقررنا أن تفتح جبهة في الضباب وتشكل فيها قوة يكون نواتها من اللواء 35 ، وبدأنا في الضباب وكانت المنطقة محصورة لا نستطيع الحركة أو حرية المناورة بالقوات من اتجاه إلى آخر داخل الضباب فكان أن اتخذنا قرارا مجازفا أن نبدأ بتشكيل أو إعادة تنظيم اللواء 35 وكان أول لقاء لنا في مؤتمر جماهيري لإسناد الجيش الوطني في مديرية المعافر وافتتحنا مقر اللواء أول يوم بحوالي 30 فرد أغلبهم مرافقين ومقربين للذين كانوا معنا، وكان معنا بازوكة ومعدل شيكي فقط لا غير وبنادق خاصة للأفراد الموجودين وبدأنا نستوعب العسكر من اللواء 35 ووصل العدد إلى 65 في اليوم الأول، فتحنا المجال للعسكريين للوحدات الأخرى الذين يمتلكون السلاح وبدأ الناس بالتوافد حتى وصلت قوة اللواء في تلك الفترة إلى 1500 ففتحنا معسكر تدريبي في العين مركز مديرية المواسط ومركز تدريبي في الشمايتين في التربة ومركز تدريبي في المعافر الذي كان مقر قيادة اللواء، وبدأنا بتدريب وإعداد الناس، وبدأنا نستوعب أفراد مدنيين من المقاومة الشعبية الذين يمتلكون السلاح وتم تدريبهم وتأهيلهم، وفي هذه الفترة حاول العدو إسقاط جبهة الضباب، ووجهنا أول كتيبة وأدرت المعركة في جبهة الضباب، وهي كتيبة الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب وهي عبارة عن الكتيبة الأولى التي تم تدريبها في معسكر المعافر ولحقت السرايا من معسكر العين للضباب”
عقب تحرير المحافظات الجنوبية في يونيو 2016 أصدر الرئيس هادي قرارا رئاسيا بدمج المقاومة في الجيش، وتمّ دمج معظم عناصر "المقاومة الجنوبية" في ألوية عسكرية، كما تم بالتزامن مع ذلك تشكيل لجان عسكرية لتطبيق القرار في تعز. وقضى قرار هادي بشأن تعز خبنها بضم 15 ألف مقاتل يتم توزيعهم على الألوية العسكرية المتواجدة في المحافظة.
تتلخص فكرة دمج المقاومة في الجيش، بالقيام بعملية ضم المجاميع المسلحة التي تشكلت تلقائياً وبشكل عفوي للقتال ضد مليشيا الحوثي وقوات صالح الانقلابية، ضمها إلى الأولوية العسكرية وتدريبها وتأهيلها التأهيل العسكري اللازم وفقا للأسس العسكرية المتعارف عليها، حيث معروف أن المقاومة الشعبية بتعز تشكلت بالتزامن مع تشكيل نواة للجيش الوطني والمتمثل باللواء 35 مدرع الذي انتصر للشرف العسكري وقاوم الانقلابيين منذ اللحظة الأولى لاجتياحهم تعز.
أي أن هدف الدمج يتمثل بإيجاد جيش وطني قوي يتكفّل بمهام التحرير وإسقاط الانقلاب،. كما أن عملية الدمج تهدف إلى وضع إطار قانوني للجماعات المسلحة بحيث لا تصبح البلاد مليئة بالمليشيا المسلحة، وحتى ينحصر السلاح بيد الدولة وحكرا عليها.
وتحدد الشكل الأولي للدمج بحسب خطة مشتركة للجان المكلفة بتوزيع المجاميع المسلحة في تعز على ثلاثة ألوية هي 35 مدرع و22 ميكا و17 مشاة، وإلحاق بعض المجاميع بقيادة المحور،. كما أن اللواء 170 دفاع جوي كان لا يزال حينها تحت التأسيس، فيما الألوية الأخرى لم تتشكل بعد.
لكن عملية الدمج جرت منذ البداية بعيداً عن المنهجية العلمية المتبعة في التقاليد العسكرية، وما جرى هو مخاطبة قادة المجاميع برفع كشوفات بأسماء أفرادهم، من دون أن يكون هناك أية معايير محددة بدقة.
على أن عملية دمج المقاومة بالجيش والتي لم تبنى على أسس ومعايير سليمة وعلمية قد شابها العديد من الاختلالات التي أضعفت عملية بناء الجيش، وتسببت بتشتيت ولائه بين الولاء الحزبي والولاء المناطقي، حيث تمثلت أهم الاختلالات بإسقاط رواتب العديد من العسكريين رغم مشاركتهم بالعمل المقاوم مقابل ترقيم أطفال ونساء ومواطنين من خارج المقاومة تم ترقيمهم وفقا لمعايير حزبية ومناطقية وعلاقات قرابة وعلاقات شخصية.
كما أن هناك عدد كبير يقدر بالآلاف من الموظفين في السلك المدني وخاصة في قطاع التربية والتعليم تم ترقيمهم ما تسبب بازدواج وظيفي، ومن هولاء الموظفين المدنيين المئات ممن تم منحهم رتب عسكرية وصلت إلى رتبة ”عقيد” و“عميد” مع منحهم مناصب في قيادة المحور والألوية العسكرية، ويكفي أن نستدل بمستشار المحور وقائد عمليات اللواء17 مشاة المنتميين إلى القطاع التربوي حيث تم منح الأول رتبة عميد والثاني رتبة عقيد، بالإضافة إلى عدد كبير من الحالات المشابهة.
لكن الأخطر من كل ذلك هو الكشف عن حالات لتجنيد متحوثين ما يؤكد أن الجيش يتعرض لعملية اختراق كبيرة في صفوفه وبمشاركة قيادات عليا ما يستدعي التحقيق في الأمر واحالة القيادات العسكرية المتسببة بذلك إلى المحاكمة العسكرية.
كذلك تم رصد سقوط أسماء عدد كبير من شهداء وجرحى المقاومة ولم يتم ترقيمهم، بالاضافة إلى ضم بعض جرحى فبراير وترقيمهم مقابل سقوط بعض جرحى المقاومة حتى أن الجميع عرف بقضية تسفير بعض جرحى فبراير للخارج مقابل عدم تسفير مئات الحالات من جرحى المقاومة التي تستدعي حالاتها السفر للخارج لتلقي العلاج نتيجة عدم قدرة المستشفيات اليمنية على علاجها، كما تم ظهور مرتبات بعض الجرحى في كشوفات الشهداء، وظهور مرتبات بعض الشهداء في كشوفات الجرحى، بالاضافة إلى عمليات استقطاعات من رواتب بعض الشهداء بمبرر الغياب وهو الأمر الذي أثار حالة من السخرية والسخط من القيادات العسكرية في تعز والتي تشرف على قيادة الجيش وترتكب مثل هذه المخالفات.
المسؤولون عن عملية الترقيم أثبتوا انحيازهم وتبعيتهم لأحد الأطراف من خلال ترقيم منتسبي المشافي الخاصة مقابل أسماء المقاومين في الخدمة الطبية بالمستشفيات الحكومية.
ومع أنه تم تحديد العدد المسموح له لكل لواء بــ 3700 فرد إلا أن الكشوفات التي رُفعت من قيادة اللواء 17 مشاة، تضمّنت 14 ألف فرد من الملتحقين بقوات اللواء، فيما تضمنت كشوفات اللواء 22 ميكا تسعة آلاف اسم، وأربعة آلاف من اللواء 35 مدرع. وهذا العدد من الأسماء المقرر دمجه، يفوق العدد المسموح به لكل لواء.
كما تمّ توزيع آلاف الاستمارات على جبهات "المقاومة"، وطلب منها تسجيل الأسماء من دون نزول اللجان لمعاينة الواقع، والتأكد من العدد الفعلي الحاضر والفاعل في الميدان. وهذا ما جعل عملية الدمج تتم بشكل عشوائي ومفتقر لعوامل المصداقية والشفافية، فتمّت إضافة آلاف الأسماء الوهمية التي تنسف الجيش الوطني قبل بنائه.
كما أن قادة بعض المجاميع ظلوا محتفظين بأفرادهم ويتلقون توجيهاتهم من غير قيادات الجيش، إضافة إلى أن بعض فصائل "المقاومة" ترفض عملية الدمج ودخول الجيش، حتى أنها ترفض أن يأتي الدعم المالي والعسكري عبر الأطر العسكرية، لكونها تريد أن يأتي الدعم إليها مباشرة.
كما أن عملية الدمج قد ترافقت مع العديد من الأخطاء، في تكرار سيناريوهات بناء الجيش في عهد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، من خلال الأسماء الوهمية والترقيات غير القانونية وترسيخ مبدأ الولاءات في صفوف الأفراد. وهو ما غلب على الجيش الطابع السياسي والمناطقي والحزبي، إذ تم دمج كتائب المقاومة، التي غالباً ما تكون محسوبة على طرف سياسي أو فصيل ديني، وضمّها في لواء محدد، يغلب عليه لون سياسي أو مناطقي واحد".
كذلك مارست بعض القوى السياسية ضغوطها على القيادات العليا، ليتم توزيع الرتب العسكرية العليا للتربويين والموجهين وحديثي التخرج من صغار السن والمفتقدين للخبرة العسكرية. وبلغ الأمر حدّ تعيين بعضهم في مناصب قيادة أركان الألوية ورئيس عمليات المحور.
إن انشغال بعض القوى السياسية بالاستحواذ على المؤسسة العسكرية والأمنية قد واستغلالها للنفوذ التي تتمتع به من خلال وجود شخصيات موالية لها في رأس قيادة الجيش قد ساعدها على الانفراد بالتعيينات العسكرية والأمنية، حيث تم توزيع الرتب العسكرية على أفرادها بعيدا عن المعايير المتعارف عليها، كما تم انشاء ألوية عسكرية تابعة لهذه الأطراف السياسية، كما هو حاصل في تعز من خلال انشاء اللواء 145 مشاة ومنح قيادته لنجل قائد محور تعز ”وهذا مؤهله الوحيد لينال هذا الموقع” أو كما هو حاصل مع اللواء الرابع مشاة جبلي والذي تم منح قيادته لتربوي ”مؤهله الوحيد انتماؤه لجماعة الاخوان المسلمين” كما أن معظم قيادات هذا اللواء هم من التربويين المنتميين لجماعة الاخوان المسلمين والذين تم منحهم رتبة ”عقيد” بشكل مخالف للقانون.
كما أن بعض الألوية حديثة النشأة والتي تم تجميع قوامها عن طريق سحب أفراد من الألوية الأخرى، لم يكن الهدف منها الضرورة العسكرية التي تستدعي ذلك، ولا لاستكمال عملية التحرير، بقدر ما أن انشاءها قد جاء وفقا لقرارات حزبية تهدف لاستغلال هذه الألوية في الصراعات الداخلية من خلال سيطرتها على مسارح عمليات ألوية قائمة كما هو حاصل في منطقة التربة.
ومن خلال قيام هذه الأطراف السياسية بإنشاء ألوية عسكرية موالية لها تكون قد استكملت تقريبا الاستحواذ على المؤسسة العسكرية بعد سيطرتها على قيادات هذه الألوية وتعيينها لعشرات المدنيين في مواقع عسكرية عليا ومنحهم الرتب العسكرية بشكل مخالف للقانون، وهو الأمر الذي ينطبق ايضا على المؤسسة الأمنية بأجهزتها المختلفة والتي يبلغ قوامها في كشوفات الراتب أكثر من 10 ألف فرد بينما على الواقع لا يوجد في أحسن الأحوال ألف فرد في جميع الأجهزة الأمنية مجتمعة.
كما أن عملية التسجيل والترقيم في المؤسسة الأمنية بأجهزتها المختلفة قد غاب عنها الشفافية والوضوح كما غابت فيها المعايير الموضوعية في اختيار الأفراد، حيث تمت عملية الترقيم في المقرات الحزبية، وتم تعيين مدنيين على رأس بعض الأجهزة الأمنية كما هو حاصل في النجدة وفي شرطة السير على سبيل المثال لا الحصر.
كما أن المواطنين يكتشفون تخرج الدفع المتتالية من هذه الأجهزة الأمنية ويسمعون أخبار تخرجها من وسائل الاعلام دون أن يكون لهم أي معرفة بموعد تسجيل الأفراد وآلية ومعايير اختيارهم وهو ما يطرح أكثر من تساؤل عمن يقف وراء هذا العبث؟ ولمصلحة من ؟
إن حالة العبث هذه، وغياب الدور الحكومي في تصحيح الاختلالات التي رافقت عملية دمج المقاومة في الجيش وبناء المؤسسة الأمنية، قد جعل القوى السياسية الهادفة للسيطرة والاستحواذ على الجيش والأمن تتمادى في ممارسة الاخطاء والخطايا التي تعيق بناء الجيش الوطني، فعمدت هذه القوى إلى انشاء معسكرات خاصة يتم فيها تدريب مليشيا حزبية وبامكانيات الدولة، ولنا أن نأخذ على سبيل المثال لا الحصر ”معسكر يفرس” الواقع في منطقة المهيع تحديدآ وادي بني خولان مديرية جبل حبشي، ويوجد أمام المعسكر دبابة و٣ أطقم عسكرية، وقد تخرجت الدفعة الأولى منه وعدد قوامها 150 فردا على أن يتم تدريب دفع جديدة، ومثل هذه المعسكرات تقوض بلاشك من قوة الدولة وتؤسس لقيام مليشيا مسلحة هنا وهناك تؤسس لحالة لا منتهية من الفوضى.
إن بناء جيش وطني حقيقي وقوات أمن حقيقة قادرة على القيام بمهامها يقتضي أن يتم بناؤها على أسس احترافية تتمتع بالمهنية ومشهود لها بالعقيدة الوطنية، وتقودها قيادات عسكرية وأمنية مشهود لها بالقدرة والكفاءة والنزاهة، يتم اختيارهم على أسس وطنية وممن تنطبق عليهم معايير وشروط الخدمة في المؤسستين الأمنية والعسكرية ، كما يقتضي تجهيز الجيش وقوات الأمن بالسلاح والعتاد والآليات والمعدات الضرورية واللازمة لتمكينها من أداء واجباتها وتنفيذ مهامها بمهنية واحتراف عاليين، كما يقتضي تدريبها وتأهيلها تدريبا نوعيا وتأهيلها التأهيل المناسب الذي يمكنها من القيام بالدور المنوط بها.
وبلاشك فبناء الجيش الوطني يبدأ من إلغاء أي تشكيلات مسلحة لا تقبل الاندماج في المؤسسة العسكرية في المناطق المحررة، واعتبارها ميليشيا تهدد الدولة ووجودها جريمة جنائية ، ويكون قادة تلك الجماعات والمنتسبين إليها تحت طائلة المساءلة والعقاب.
ويجب أن ندرك أن بناء الجيش الوطني على أسس سليمة يستدعي وضع اجراءات موحدة لعملية دمج واستيعاب المجاميع المسلحة في القوات المسلحة الدمج الحقيقي الذي يبدأ بتسليم هذه المجاميع للأسلحة والعتاد الذي بحوزتها للألوية العسكرية التي سوف يتم استيعابها فيها، ومن ثم يتم دمجها في تشكيلاتها ثم تتم عملية الترقيم داخل هذه التشكيلات.
كما أن عملية الدمج تستدعي وضع برامج موحدة للتدريب والتأهيل البدني والقتالي والاعداد النفسي وبناء العقيدة القتالية على أساس وطني، بالتزامن أيضا مع وضع برنامج تأهيل احترافي لمنتسبي الأجهزة الأمنية وإعادة تحديد مهام الأجهزة الأمنية المختلفة.
كما أن بناء الجيش والأمن على أسس وطنية يستدعي تحديد الشروط والمعايير لمنح الرتب العسكرية لمن يستحق من قيادات المجاميع المسلحة للمقاومة الشعبية، واعتبارها رتبا شرفية لا تخول الحاصلين عليها حق تولي أي مواقع أو مناصب عسكرية في التشكيلات العسكرية والأمنية إلا إذا اجتازوا دورات عسكرية وأمنية تؤهلهم لذلك.
كما يستدعي أن يكون ترشيح القيادات العسكرية والأمنية لشغل المواقع القيادية في الألوية العسكرية والأمنية والقيادات العليا في أجهزتها وتشكيلاتها العليا وفقا للمعايير العلمية والمهنية والخبرة والكفاءة، وبعيدا عن معايير الانتماء الحزبي أو المناطقي أو جهوي أو غير ذلك.
ارسال الخبر الى: