من يومياتي في أمريكا تعلموا من هذا الإنسان

يمنات
أحمد سيف حاشد
شاهدت رقم دولي يرن على شاشة تلفوني.. تساءلت من يذكرني في هذه الساعة.. الفجر ما زال يتسلحف في الأفق النائي.. من يتصل في هذا التوقيت ومايزال الفجر بعيدا؟!
فترد الساعة: في العالم فارق توقيت.. الأمر سيان ولا يعنيك.. ما عاد لك عينان.. عيناك وطن محتل.. البوح ملجوم بسلاسل وقيود.. ممنوع أن تسبل جفنيك.. الحال من بعضه نهار أو ليل.
الريبة تساورني.. تسألني: من يهاتفك هذه الساعة؟!
فيجيب الهاتف: صديق يبحث عنك.. يطلب بيانات جوازك.. يريد أن يخفف عنك قسوة هذا العالم.. نسمة إنسان.. أثير كوني من خلف بحار ومحيط.. صوت قادم من وطن الشاعر ناظم حكمت .. الدنيا ماتزال بخير.. محب نادر.. ضمادات وبلسم لجرح ينزف.. شهد وشفاء.
قلت له “أدخرك لوقت الشدة”.. لكنه توسل.. رفضت وكررت الرفض.. جاش صدري بأوجاعه.. خنقتني العبرة.. غصة تذبحني.. خشبة تعلق في حلقي.. حبالي الصوتية تتهتك.. يتهدج صوتي.. تتحشرج كلماتي.. تموت الكلمات على الشفتين.. ما عاد لصوتي حبال.. أحسست أن الموت فجر حنجرتي من داخلها.
جرح ينزف وجرح آخر ينز صديدا.. في الدم تسبح عيناي.. دموعي مشبوبة بالنار.. مشبعة بالملح.. الحزن في دمي أعشب ميتم.. قطعت ضرة صديقي رغما عني.. انهيت محادثته حتى لا يسمع نشيجي القادم من الأعماق.. من أقاصي روح تتمزق.. أطلقت في كتماني لعناتي على ظلم يتعربد وتعال فارغ يتبختر.
مكالمة مبتورة ومقطوعة يد.. تنضح زحمة ألم مكتظ.. روح تنزف وتقول: أنا مخنوق ياصديقي.. عيني لا تعرف طعم النوم.. أنا الأن ابحث عن مرقد.. أدخرك لوقت الشدة.. إذا احتجت أنا من يطلبك يا أعز الناس.
أحس بمعاناتي الجمة.. لسعات وجعي والقهر الباذخ.. دخل يكتب بالوتس.. يكرمني بالود.. يخفف عني.. ادرك حجم مصابي.. يترجاني.. يلح علي بإصرار.. لا تخيب طلبي ورجائي يا أعز صديق.. ارسل لي بيانات جوازك.. أنا ارجوك.
رديت عليه: هذا يفوق قدراتي.. كلمة “لا” إن أطلقت مداها لا أرجع عنها؛ فعاجلني وقال: الموضوع خاص وسري جدا.. أنا الدكتور “فلان” لا اريد أحد يعرف اسمي.. أنا
ارسال الخبر الى: