كيف يوقف الشرع إسقاط نظامه

يَنْدُرُ أن نسمعَ عن نظامٍ انتصر في زمننا، وتعامل مع أتباعِه والمحسوبين عليه بسموٍّ وتسامح، مثلما شهدنا من أحمد الشرع في سوريا. في العراق، سَحلَ البعثيون الشيوعيين في الشوارع، والشيوعيون قبلَهم شاركوا في إبادةِ الملكيين، كما طاردَ الأميركيون فلولَ صدام، وسرَّحوا نصفَ مليونٍ محسوبين عليه. وفي سوريا نفسِها علَّقَ صلاح جديد المشانقَ للقوميين، وانقلب عليه حافظُ الأسد، ودفنَ الآلافَ من أهل حماة أحياءً عقاباً جماعياً على تمرد فئة منهم. خلفه ابنُه بشار، وحفرَ المقابر، وملأ السجون، وسَجلت الأممُ المتحدة في أرشيفها عشرات الآلاف من الصور التي هرَّبها طبيبٌ جنائي لتكون أكبرَ ملفٍّ في تاريخ القتل والتعذيب الموثق.
للأسف يطفو في الحروب الغلُّ والثارات، لكن للحق كانت رسالةُ الحاكم السوري الجديد فورَ دخوله دمشقَ طمأنةَ العلويين قبل غيرهم، وبقيةِ الأقليات والذين عملوا مع النظام مستثنياً الذين انخرطوا في عمليات القتل والتعذيب، ورأينا تقبلاً سريعاً للنظام الجديد.
التَّمرد المدفوع في الساحل ليس مفاجئاً، لقد كانَ متوقعاً بعد خلع نظامٍ هيمن نصفَ قرن. الانتقال يتطلَّب المعالجةَ بالحكمة والصبر والاستيعاب والتواصل، وليس كله يُدار بالقوة.
لكن هناك قوى لن تتوقَّف عن زعزعةِ الوضع، وشحن الشارع المتشكك ضد النظامِ الجديد، تلك التي فقدت سلطتها في الحكم، والأنظمة الإقليمية التي خسرت بسقوط الأسد، مثل نظام طهران وميليشيات في العراق و«حزب الله». هناك طوابيرُ متنوعة سُنيَّة ومسيحيَّة وعلويَّة وغيرها ساندت نظامَ الأسد، وفقدت امتيازاتها بسقوطه، وستعمل ضد دمشقَ اليوم. تسويق العداء للعلويين تحديداً يغذيه اتباعُ النظام المخلوع لتحريضِ نحو مليوني علوي للاصطفاف معهم، وحتى رموز في نظام الأسد الهاربِ مثل رامي مخلوف تبحث عن التصالح.
هذه الأزمة تختبر إدارةَ النظام الجديد. عندما كانَ ميليشيا مسلحةً في إدلب كانت مسؤوليته محدودةً حول ما كان يرتكبه مسلحوه. اليوم هو الدولة، وعليه ألا يجعلَ خصومَه يجرّونه إلى الخندق نفسه مع النظام البائد، ليصبح مثلَه طائفيّاً وعنيفاً يعالج بالسّلاح ما يعجز عنه بالسياسة.
سارعت معظمُ الدول العربية للتضامن مع حكومة دمشق، فكانت رسالة واضحة للشعب السوري مع من تقف. وهذا الموقف
ارسال الخبر الى: