متى ينتحر المثقف وكيف

٤٨ مشاهدة

الوطن العدنية/كتب/عبدالرحمن بشير


هناك نوعان من الانتحار ، أدبي ، ومادي ، وكلاهما خروج من الفعل التاريخي ، ولكل واحد منهما يتطلب قرارا حاسما ، ذلك لأن من ينتحر جسديا ، ويقتل نفسه ، يقرر الرحيل ، لأنه يشعر من الداخل أنه تعب من الحياة ، فقد يكون التعب حقيقيا ، وقد يكون وهميا ، أما الثاني ، فهو مرتبط بالفشل ، ومعرفة الدور ، وعدم تقدير رسالة المثقف ، حينها فقط يعلن المثقف موته بدون وعي ، أو بوعي ، ويقرر رحيله من ساحة التأثير .
يرحل المثقف من الحياة ، لأنه فقد مقومات الوجود ، فقد سقط القلم من يده ، ووقع فى يد غيره ، وقرر أن يكون بوقا من أبواق السلطة ، لا يأمر بالمعروف ، ولا ينهى عن المنكر ، ولا يقدر كتابة مقال فيه نقد ، أو توجيه ، أو بحث عن الخلل ، ورأيت من المثقفين من يتناول قلمه عن الماضى بكل حرية ، ولكنه يخاف الحديث من الحاضر ، لأن فى الحاضر أشواك ، وهو كمثقف خارج من التأثير لا يريد الحديث عن الأشواك ، ومن هنا قرر الرحيل قبل أوانه .
الانتحار موقف ، ولكنه موقف سلبي ، وهو هروب من المواجهة ، وانسحاب من الحياة ، وخروج نهائي من التاريخ ، ولكن كيف ينتحر المثقف ؟
ينتحر المثقف حين يخاف من المواجهة ، ويعلن استسلامه للواقع ، حينها فقط يخرج من صناعة التاريخ ، ويتوقف عن العطاء ، ويدور حول السلطة عطاء وتوقفا ، وبهذا ينتحر المثقف .
ينتحر المثقف حين يمشى وراء الجماهير ، ويتكلم حسب الطلب ، فالمثقف ينتقد الأوضاع ، ويصحح المسار ، لأنه ليس سياسيا ، بل هو مثقف ، والفرق بينهما كبير ، فالسياسي يسعى للسلطة كهدف ، وهذا مشروع ، ولكن المثقف يسعى لتصحيح أوضاع السياسة ، وهذا مطلب ، وضرورة ، فلا نهضة بدون مشروع ، ومن أهم من يصنع المشاريع هم المثقفون

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع الوطن العدنية لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح