من يقنع هؤلاء وأولئك

62 مشاهدة

حضُّ الجيش في السودان على نبذ الإصرار على بلوغ انتصار حاسمٍ ليس موقفاً مناهضاً له، كما ليس مسانداً للمليشيا. التشبث بمواصلة الحرب رهانٌ باهظ الكلفة، كما تدلل التجربة، بل هو خاسرٌ. نداءُ وقف الحرب نابعٌ من قناعتين. أولاهما صدأ عقلية الجيش العسكرية وثقافة قيادته السياسية، فكتالوغ إدارة الخلافات الوطنية وتفكيك الصراعات تجاوز حملَ السلاح. هذا أبرز دروسِ الفكر السياسي ما بعد الحرب الباردة. لعل اجتماع نيويورك الرباعي (مصر والإمارات والولايات المتحدة والسعودية) نفض غبار ما تراكمه أدمغةٌ صدئة كترامب ونتنياهو في فلسطين وبوتين في أوكرانيا. كلها محشوّة برواسب استعمارية. لا يقلل من اجتماعات نيويورك حديث الرئيس الأميركي المعاكس داخل المنظمة الأممية. صدأ عقلية الجيش العسكرية يتبدى في الإخفاق في تحقيق انتصار حاسم على نحو يمطّط الأزمة. أما صدأُ الدماغ السياسي فيتمظهر في الفشل في التجاوب مع قوى الثورة. كلاهما، الإخفاق والفشل، يعرّضان الدولة في السودان برمتها حالياً للانهيار. دولٌ أفريقية عدة استوعبت تطور الفكر السياسي فتعافت من ثقافات بدائية أنهكتها طويلاً وكبّدتها كثيراً.

***

لا تستوي الموازاة بين الجيش والمليشيا في القضايا الفكرية، مثلما هي في حالات المساندة أو الإدانة، فالمليشيا تعتاش على ثقافة بدائية بمكوناتٍ إثنية وجهوية. قوات الدعم السريع استنباتٌ حرام جرت تربيته وتسمينه بمال حرام من أجل غايات حرام وفق أخلاقيات الشعب وعقائده. هو تجسيد لازدواجية الاعتماد على العصابات وبسط هيمنة الدولة الوطنية. لذلك يصبح الرهان عليها وصولاً إلى بناء ديمقراطي وهماً يجافي فكر عصر العولمة وثقافته السياسية، فإذا كانت الدول المتقدّمة أضحت إبّان العولمة معنية بتكريس ثقافة الديمقراطية وتعزيز اقتصاد السوق الحر، تجد الدول النامية نفسها مجبرةً على اللهاث للحاق بثقافة العصر إن أرادت البقاء فيه. أول شروط المحاولة الجادّة الحفاظ على سلمها الداخلي ووحدتها والسعي إلى استثمار مواردها.

***

الحفاظ على السلام وفق الفكر السياسي في زمن العولمة لا يُفرض بقوة السلاح، فالتصالح ليس فقط ضمانةً للحفاظ على السلم الوطني، بل هو كذلك نهجٌ ناجع للحفاظ على موارد الشعب، فالحرب لا تهدر موارد الوطن فقط،

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح