كيف يقرأ كتاب اليوم غابرييل غارسيا ماركيز

٦٣ مشاهدة
ملايين القراء اليابانيين لغابرييل غارسيا ماركيز ينتظرون افتتاح مكتبات طوكيو للحصول على النسخ الأولى من الترجمة اليابانية لروايته مئة عام من العزلة في مقابلة أخيرة أجريت مع السينمائي وودي آلن أعلن فيها أن صاحب خريف البطريرك هو كاتبه الساحر تناقلت بعض وسائل الإعلام العالمية أخبارا تشير إلى وجود روابط عائلية بين حائز نوبل للآداب والرئيسة المكسيكية المنتخبة حديثا كلوديا شينباوم هذه بعض الأخبار المتعلقة بالكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز 1927 2014 والتي تناقلتها أبرز الصحف العالمية في الأسبوع الأخير احتفاء بالمؤلف كما لو أنه لا يزال على قيد الحياة تتزامن هذه الأخبار مع مهرجان غابو في دورته الثانية عشرة الذي أقيم في مناطق متعددة من العاصمة الكولومبية بوغوتا بين الخامس والسابع من الشهر الجاري تحت شعار حكايا كي تستيقظ استضاف المهرجان أكثر من مئة وسبعين كاتبا وروائيا من مختلف بلدان العالم لمناقشة موضوعات متعلقة بالصحافة والفن والأدب والموسيقى والسينما بين أمور عديدة أخرى على الرغم من تنوع نقاشات وحوارات المهرجان فإن موضوعه الرئيس والأهم يمكن أن يلخص بالطاولة المستديرة التي جمعت كتابا من جيل التسعينيات لمناقشة كيف يقرأ الكتاب الجدد غابرييل غارسيا ماركيز اليوم سؤال طرح على الكتاب في ظل سلسلة من الأخبار الأخيرة التي تؤكد أن الكاتب لا يزال حاضرا في المشهد الأدبي العالمي خصوصا بعد طباعة روايته الأخيرة نلتقي في آب واقتراب عرض مسلسل على منصة نيتفليكس لنص مستوحى من رواية مئة عام من العزلة تحول ماركيز إلى مغناطيس تذكاري يباع في محلات بيع الهدايا ربما هذا ما دفع الكاتب الكولومبي هارولد مونيوز 1992 مؤلف رواية اخرج إن استطعت 2022 والمقيم في بوغوتا أن يقول إن ماركيز صار هو نفسه منتجا صحيح أن هذه الأخبار هي وسائل كي يبقى الكاتب حيا لكن لا يحدث الأمر نفسه مع عمله الإبداعي لقد حولوا غابرييل غارسيا ماركيز إلى مغناطيس تذكاري يباع في محلات بيع الهدايا التذكارية كي يعلق على الثلاجة وهذا أمر محزن لأن عمله الحقيقي ودوره الملتزم والحيوي بوصفه صحافيا وروائيا يحيدان ويوضعان جانبا بالنسبة إلي لا يمكن فصل نضاله الاجتماعي والسياسي في أميركا اللاتينية عما كتبه يأخذ مواطنه الروائي بيدرو ليموس 1995 صاحب رواية سأسميه حبا 2023 خيط الفكرة ويستطرد لا شك في أن فكرة مغناطيس الثلاجة تم تكريسها ضمن القراءات السائدة للروائي التي لا تخرجه من سياق مصطلح الواقعية السحرية مع غيره من كتاب أميركا اللاتينية البارزين يضيف ليموس يجب اليوم قراءة غارسيا ماركيز خارج تلك التسميات والمصطلحات التي لا تعبر عن تعقيدات نصوصه بل تحد منها إنها كليشيهات وتسميات توضع على نصوص ماركيز ولكنها في حقيقة الحال لا تعطي إلا فكرة مختزلة عن أدبه وأدب أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي إنها ظل يثقل على القراء وأنا شخصيا لا أريد أن أغطي نفسي بهذا الظل من أميركا الوسطى تحديدا من الهندوراس قدمت الكاتبة والصحافية جينفير آفيلا 1991 وجهة نظرة مختلفة عن زميليها فـغابو بالنسبة إليها لا يزال عمله حيا ونابضا ولا يعود ذلك إلى أن أعماله لا تزال تنشر بعد موته فحسب بل لأنها أعمال دائمة تستمر معنا وهنا تستفيض الصحافية في الحديث عن ماركيز وتدعم وجهة نظرها بقولها إن وصول ماركيز إلى القرى النائية في أميركا اللاتينية وإدراج بعض نصوصه للقراءة الإجبارية في الأنظمة التعليمية دليل على أن أعماله تناقش بعمق الشاعرة الكولومبية المتحولة جنسيا ماي رومير 1990 تستعيد فكرة الواقعية السحرية وتسقطها على واقع التحولات السحرية الحاصلة في القارة اللاتينية سياسيا واجتماعيا وثقافيا وجسديا هنا تماما يبرز دور غابو برأيها حيث استطاع بواقعية استبصارية سحرية أن يتنبأ بالتحولات التي تقبل عليها القارة وهي تحولات لا يمكن أن نفهم ثقافتنا دونها وهذا تحديدا ما يجعل عمل غابو ودوره حاضرين إذ إن جل أفكاره السياسية والاجتماعية والثقافية والجندرية تتبلور في إطار هذه التحولات التي تحدث في القارة وفي العالم أيضا في نهاية المناقشة طلبت مديرة المكتبة الوطنية في كولومبيا ومسيرة النقاش من كل كاتب اختيار عمل من أعمال ماركيز كي ينصح به القراء والكتاب الشباب اختار مونيوز رواية خريف البطريرك التي تعلم منها أن يسخر من السلطة التي يجسدها البطريرك هذه السلطة هي اليوم النظام السياسي الحاكم للعالم لذلك يجب على الجميع أن يقرأها أما ليموس فقد أوصى بالرواية الأولى للكاتب الكولومبي عاصفة الأوراق لأنها توضح لنا بذرة ما حدث بعد ذلك وبدورها أوصت الصحافية الهندوراسية آفيلا بقراءة مئة عام من العزلة في لحظات مختلفة من الحياة لأن كل لحظة ستكتسب فيها الرواية معنى جديدا وهذا سر عبقرية ماركيز ووقع اختيار الشاعرة ماي روميرو على لم آت لألقي خطابا لأنها تبدو محادثة عفوية بين القارئ والكاتب لا يختلف اثنان حول أهمية غابرييل غارسيا ماركيز ومكانته روائيا عالميا استطاع أن يجعل حياة أميركا اللاتينية قابلة للسرد والقراءة حول العالم ربما لهذا تحديدا لا يشعر هؤلاء الكتاب والروائيون من الجيل الجديد بأي توتر أو صراع عند مواجهة حضور هذا الروائي الراحل الحاسم والحيوي حتى الآن في المشهد الأدبي المحلي والعالمي لا يمكن فصل نضاله الاجتماعي والسياسي عن كتاباته الأدبية نحن لا نعرف وزن الشخص الميت بهذه الجملة اختتمت مسيرة النقاش الطاولة المستديرة في إشارة إلى الجملة التي قالها قبل عشر سنوات الكاتب المكسيكي خوان فيلورو في حديث له عن غابو مؤكدة أن الأموات في بعض الأحيان تماما كما هو حال الكاتب الكولومبي يزنون أكثر من الأحياء على حد تعبير خوان رولفو خاتمة لا بد منها تعود الأمم الحية إلى كتابها البارزين كي تقرأهم من جديد في ضوء المتغيرات المحلية والعالمية التي يشهدها عصرنا مهرجان غابو في دورته الثانية عشرة نموذج للعودة إلى كاتب رحل عن عالمنا في عام 2014 ولكن قراءة كتبه تتجدد باستمرار في ضوء التحولات التي تحدث في القارة اللاتينية وفي العالم ثمة ظاهرة غريبة تحدث في العالم العربي لا ترتبط بطريقة قراءة الكتاب البارزين الذين رحلوا عن عالمنا العربي فحسب بل أيضا بالقراءة السائدة للكتاب والشعراء والروائيين الذين ما زالوا على قيد الحياة إنها القراءة الأيديولوجية أو الجاهزة أو المسبقة للمؤلف أو الكاتب أو الشاعر أو الروائي بمعزل عن نصه الذي يكتبه أيا كان هذا النص هي قراءة تبسيطية تلفيقية وفي أحسن الأحول توفيقية تضع للقراءة حدودا لا يجوز اختراقها وتوفق بينها وبين الفكر الواحد محاولة في ذلك مساعدة أنظمة الطغيان والاستبداد على إخماد شرر أية ثورة تلتهب في عقل القارئ في جسده وفي مخيلته وفكره أن تفرض قراءة واحدة ووحيدة على نص يعني من بين أشياء أخرى نهاية العقل والمعرفة والفكر والمخيلة ويعني أيضا غربلة هذا النص في تصور أصحاب هذه القراءة أي تصورهم الخاص للواقع وللغة يبرع في الحياة العربية فن يكاد أن يكون خبرنا اليومي إنه فن الاستحواذ الاستحواذ على كل شيء السلطة الثقافة الدين اللغة الكتابة القراءة إلخ وقد برعت المؤسسات السلطوية في العالم العربي في ترسيخ هذا الاستحواذ بحيث صار المواطن نفسه بارعا في ممارسة هذا الاستحواذ على كل شيء والقراءة السائدة اليوم في العالم العربي هي بغالبيتها العظمى قراءة واحدة تستحوذ على النص وتقيم كاتبه وفقا لهذه القراءة فتخونه أو تكرمه رافضة القراءات الأخرى

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح