هل يشكل الذكاء الاصطناعي مكسبا اقتصاديا صافيا
منذ اندلاع الثورة التقنية الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي، تتعالى التوقعات حول دخول العالم مرحلة نمو اقتصادي استثنائية، وتغيّر جذري في طبيعة العمل، وتحسين في مستويات الإنتاج والإنتاجية، وصولاً إلى حلول مبتكرة للأزمات المالية المزمنة. غير أنّ هذا التفاؤل الذي يغذّيه الاستثمار الهائل في شركات الذكاء الاصطناعي وأسهم التكنولوجيا، يصطدم بتحليلات أكثر تشكيكاً حول الأثر الحقيقي بعيد المدى لهذه الطفرة. وبينما يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه قوة خارقة قادرة على رفع معدلات النمو، تشير المعطيات الاقتصادية إلى أنّ تأثيره الإجمالي قد يكون أقل مما يُسوَّق له، وربما لا يتجاوز كونه تغييراً متوازناً لا يحسم مصير الاختلالات المالية الكبرى.
إنتاجية أم فقاعة تفاؤل؟
السؤال الأول الذي يحدّد وزن الذكاء الاصطناعي اقتصادياً هو: إلى أي حدّ يمكنه رفع الإنتاجية والنمو؟ حتى الآن، الإجابات متباينة. ووفق بلومبيرغ، يحذر الخبير الاقتصادي دارون عجم أوغلو من الإفراط في التوقعات، مشيراً إلى أن التأثير لن يشمل معظم الأعمال، ولن يتجاوز 1% خلال العقد القادم، مشبهاً الذكاء الاصطناعي بتقنيات تاريخية استغرق اندماجها عقوداً طويلة، كالكهرباء والحوسبة.
على الجانب الآخر، تقدّر مجموعة غولدمان ساكس أن الذكاء الاصطناعي، حين يُدمج بالكامل في سلاسل الإنتاج، يمكن أن يرفع الإنتاجية بنحو 15%. لكنه تقدير مشروط بمدى قدرة الشركات على إعادة هيكلة أعمالها ونماذجها التشغيلية، وهي عملية تستغرق سنوات، وربما عقوداً، فالتكنولوجيا وحدها لا تكفي: يلزمها تحول تنظيمي وثقافي وتعليمي يسمح بالاستفادة منها.
إحدى أهم المخاوف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي هي مستقبل الوظائف. هل ستُستبدل اليد العاملة البشرية بالآلات الخوارزمية؟ أم سيولد الذكاء الاصطناعي وظائف جديدة كما فعلت الثورات الصناعية السابقة؟ الإجابة المعقولة هي: كلاهما. فالذكاء الاصطناعي سيُسرّع تنفيذ المهام، كما في البرمجة والتحليل القانوني والترجمة والصحافة، وبذلك ستقلّ الحاجة إلى نفس عدد العاملين لإنتاج كمية العمل ذاتها.
لكن في المقابل، وعلى غرار ما حصل بعد انتشار الإنترنت، قد ينمو الطلب الإجمالي على الخدمات الرقمية، ما يخلق وظائف جديدة. السؤال هنا ليس فقط: مَن سيخسر عمله؟ بل: هل يستطيع هؤلاء الانتقال بسرعة إلى
ارسال الخبر الى: