الذي يزرع الإصلاح يحصد العار
اللافت في تجربة حزب الإصلاح (إخوان اليمن) أنهم لا يشكّلون خطرًا حقيقيًا على من يعاديهم، فشرّهم لا يتعدى من يضع ثقته فيهم أو يرفعهم فوق حجمهم الحقيقي. فلا يكتوي بنارهم إلا الحلفاء الذين أحسنوا الظن بهم، فدفعوا الثمن خيانةً وابتزازًا وتآمرًا.
ومن يتأمل الواقع اليمني جيدًا، يدرك أن الإمارات على وجه الخصوص، كانت من أكثر المستفيدين من حزب الإصلاح، رغم أنها عاملتهم بنهج لا يختلف كثيرًا عن تعامل الاستخبارات الإسرائيلية مع عملائها؛ استخدامٌ مؤقت يعقبه الإقصاء أو التصفية. فكما رأينا في عدن عام 2015، حين صدح شيوخ الإصلاح بمكبرات الصوت داعين إلى “الجهاد” إلى جانب تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات، لم تمضِ سوى أشهر قليلة حتى بدأت أبوظبي في تصفية كوادر الحزب، بدءًا من القادة العسكريين ووصولًا إلى أئمة المساجد، ضمن سياسة تفريغ الجنوب من تأثيرهم.
السعودية لم تكن أقل صرامة. فقد رأينا كيف استُقبل عبدالمجيد الزنداني ـ أحد رموز الحزب ـ عند فراره إلى الرياض، وهو يثني على “عاصفة الحزم” ويتغزل بقيادة المملكة. لكن سرعان ما تغيرت النغمة، إذ تعرض للإهانة والاعتقال في سجونها، ثم طُرد في نهاية المطاف مذموماً مدحورًا.
ولولا هذا الحذر الذي مارسته الرياض وأبوظبي، لكانت نهايتهما على أيدي حزب الإصلاح فالخيانة نهجهم ولا يستحون في الغدر بمن وثق بهم.
فالنظام السابق بقيادة الخائن علي عفاش كان حليفًا لحزب الإصلاح خلال التسعينيات، بل مكنهم من السيطرة على الخطاب الديني، ومنحهم نفوذًا واسعًا في الجامعات والمساجد والمراكز الدينية. وبدل أن يكونوا له سندًا، انقلبوا عليه، وأصدروا فتاوى بتكفيره، وكانت نهايته مأساوية بالحرق في يونيو 2011، بعدما خانوه تحت عباءة “الثورة”.
ولا يمكن نسيان دورهم في حرب صيف 1994، حين تحالفوا مع صالح لإسقاط شريك الوحدة، الحزب الاشتراكي، واحتلال الجنوب. لقد استخدمهم صالح كعصا دينية لضرب خصومه، ثم اكتشف متأخرًا أنه كان يُربي أفعى في حضنه.
إن تجربة التعامل مع حزب الإصلاح تمثل درسًا قاسيًا في التاريخ اليمني الحديث، مفاده أن هذا الحزب لا يعرف الوفاء لحليف، ولا
ارسال الخبر الى: