كيف يختبر الحجاب حدود الدولة الليبرالية
أقرّ البرلمان النمساوي قانونًا يمنع ارتداء الحجاب للفتيات المسلمات دون سن الرابعة عشرة في المدارس، في خطوة تُعيد النقاش إلى مساحة حسّاسة في علاقة الدولة بمواطنيها المسلمين. فالتشريع يستهدف فئة بعينها في أثره العملي، ويتعارض مع التزامات النمسا الدولية، ولا سيما مبادئ عدم التمييز وحرية الدين والمُعتقد في العهد الدولي واتفاقية حقوق الطفل. ويتناقض كذلك مع دعوات الرئيس إلى التكاتف في مواجهة الأزمة الاقتصادية بدل توسيع خطوط الانقسام داخل المجتمع.
معركة الحجاب في النمسا خاصة، وأوروبا عامة، لم تعد نقاشًا تربويًا، بل أصبحت طقسًا سياسيًا يتكرّر مع كلّ صعود شعبوي جديد في الانتخابات. فالحجاب يُستدعى بوصفه رمزًا للهُويّة أكثر من كونه ممارسة شخصية، ويُستخدم لإثارة قضايا الاندماج وتغذية التوتّر الثقافي. ومنذ نهاية التسعينيات، ومع نشوء جيل جديد من المسلمين ولد في أوروبا، انتقل الجدل من نقاش مدرسي إلى اختبار لقدرة الدولة على احترام التنوّع بوصفه جزءًا من المواطنة.
وقد شهدت القضية محطّات قضائية كان يُفترض أن تضع حدًا لهذا التوظيف السياسي. فقد أكّدت المحكمة الدستورية العليا أنّ أيّ تقييد للرموز الدينية يجب أن يستند إلى ضرورة حقيقية لا إلى مخاوف ثقافية عامة، وأنّ القوانين التي تبدو مُحايدة لكنها تستهدف مجموعة واحدة تُعدّ تمييزًا غير مباشر، يتعارض مع روح الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. هذا الإرث القضائي كان مرشّحًا ليكون حائط صدّ يمنع التشريعات الإقصائية، لكن عودة الجدل تكشف أنّ السياسة سبقت القانون.
يُستدعى الحجاب بوصفه رمزًا للهُويّة أكثر من كونه ممارسة شخصية، ويُستخدم لإثارة قضايا الاندماج وتغذية التوتر الثقافي
منذ إعلان وزيرة الاندماج، كلوديا بلاكولم، نيّة الحكومة تمرير القانون، عادت القضية إلى دائرة النقاش من جديد. فقد قدّمت الحجاب بوصفه رمزًا للاضطهاد وميولًا متطرّفة، من دون دليل تربوي أو اجتماعي، ومن دون إشراك الأسر والفتيات اللواتي يُفترض أنّهن معنيات بالقرار. ويتجاهل هذا الخطاب أنّ الواقع أكثر تنوّعًا: فالفتيات المسلمات لسن جميعًا محجبات، بل كثيرات لا يرتدينه مطلقًا، وأخريات يرتدينه أو يخلعنه بحرية. ولم تُسجَّل على ارتداء الحجاب في سن مبكّرة أي
ارسال الخبر الى: