هل يحل ماكرون الشعب بعد حله البرلمان

٥٩ مشاهدة
عقب الفوز الساحق الذي حققه حزب التجمع الوطني العنصري في انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو أيار الماضي قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية البرلمان وعقد انتخابات مبكرة بدعوى رغبته في توضيح الوضع لكنه بذلك زاد الوضع تعقيدا وأربك المشهد السياسي بعد أن أفرزت الانتخابات ثلاث كتل متنافرة يتصدرها تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري الذي لم يفلح بعد في الاتفاق على تعيين مرشحه لمنصب رئيس وزراء الحكومة الجديدة وبينما تتعارك أجنحة اليسار ويحاول حزب مارين لوبان التجمع الوطني لعب دور المعارضة المضطهدة نجح حزب الائتلاف الرئاسي في إنشاء تحالف مع الجمهوريين للاستمرار في الحكم رغم سلسلة خسارات انتخابية وانحطاط شعبية الرئيس الذي يوجه إليه اليسار تهمة الانقلاب على نتائج الانتخابات سلطوية ماكرون تمنعه من قبول التعايش مع المعارضة ومن الانتقال من نظام رئاسي إلى نظام برلماني ولو لبضعة أشهر أو أيام بحسب القواعد الديمقراطية وعرف الجمهورية الخامسة في سياق انتخابات تشريعية حرة ونزيهة كان يفترض أن يعترف ماكرون بالوضع الجديد الذي فرضته نتيجة صناديق الاقتراع بحلول تحالف اليسار في المرتبة الأولى بحوالي 190 مقعدا أمام تكتلات الأحزاب الأخرى مساء إعلان فوز تحالف الجبهة اليسارية في 7 يوليو تموز 2024 كان يتوقع أن يتصرف ماكرون باعتباره رئيس جمهورية ديمقراطية تتمتع بالفصل بين السلطات الثلاث ويعلن قبوله التعايش مع حكومة تحالف اليسار بغض النظر عن رأيه فيه وعدم فوزه بأغلبية مطلقة لو تحقق هذا السيناريو الديمقراطي لوضع ماكرون تحالف اليسار أمام مهمة شبه مستحيلة نظرا إلى بعده الكبير عن الأغلبية المطلقة المتمثلة في 289 مقعدا وانقساماته الداخلية العميقة ورفض جل الأحزاب والكتل الأخرى التحالف معه لو كانت ردة فعل ماكرون ديمقراطية لانتهت تجربة رابع تعايش في تاريخ الجمهورية الخامسة حتى قبل أن تبدأ بحجب الثقة عن تحالف اليسار بما يتيح للرئيس فرصة الانتقال إلى خيارات أخرى بما في ذلك إنشاء حكومة ائتلاف وطني أو الدعوة إلى تحالف القوى الجمهورية أو تشكيل حكومة تكنوقراطية لكن سلطوية ماكرون تمنعه من قبول التعايش مع المعارضة ومن الانتقال من نظام رئاسي إلى نظام برلماني ولو لبضعة أشهر أو أيام بعد صمت ثلاثة أيام نشرت رسالة لماكرون يدعي فيها أن أحدا لم يفز في الانتخابات التشريعية طالما أنه لم تفز أي من القوى السياسية بما أسماها أغلبية كافية مقحما بذلك مفهوما جديدا غير وارد في دستور البلاد الذي يشير فقط إلى الأغلبية المطلقة وذل في موقف دفع فرنسيين عديدين إلى تذكيره بأن نتيجة الانتخابات التشريعية لعام 2022 كانت مشابهة إلى حد ما للوضع الحالي إذ حصل تحالفه الرئاسي المتكون آنذاك من ثلاثة أحزاب النهضة وموديم وأوريزون على 250 مقعدا فقط لكن ذلك لم يمنع الرئيس من إعلان فوز التحالف الرئاسي يبدو بحسب هذا المنطق أن الأغلبية النسبية مريحة وكافية للحكم حين تخدم مصالح ماكرون وتصبح أقلية وغير كافية حين يفوز تحالف اليسار بقيادة حزب فرنسا الأبية بناء على رفضه نتيجة الانتخابات دعا ماكرون القوى السياسية إلى تكتل جمهوري من أجل بناء أغلبية صلبة وهذا مفهوم جديد يضيفه إلى أغلبيته الكافية المبهمة وختم الرسالة جازما أنه وفقا لهذه المبادئ سيقرر تعيين رئيس الوزراء الجديد لم يفت الفرنسيين أن الرئيس المهزوم يحاول تكوين كتلة يمينية جديدة تضم ثلاثة أحزاب النهضة وموديم وأوريزون ستسعى إلى التحالف مع اليمين الجمهوري الاسم الجديد للحزب الجمهوري كتلة قد يبلغ عدد نوابها 220 في أحسن تقدير ما يجعلها بعيدة البعد كله عن الأغلبية المطلقة يبدو أن الرئيس لا يأبه بالخسارة الثلاثية التي مني بها حزبه وحلفاؤه خلال دورتي الانتخابات التشريعية والانتخابات الأوروبية ما جعل الائتلاف الرئاسي يخسر 85 نائبا في أقل من شهر جراء قرار ماكرون حل الجمعية الوطنية منذ السابع من شهر يوليو تموز الحالي تتهم الجبهة الشعبية الجديدة ماكرون بمحاولة الانقلاب على نتيجة الانتخابات للحيلولة دون صعود حكومة يسارية إلى سدة الحكم وتترسخ التهمة في ظل آخر مناورة سياسية نجح من خلالها تحالف معسكر معا الذي يقوده حزب الرئيس النهضة مع حزب اليمين الجمهوري في إعادة انتخاب يائيل برون بيفيه في رأس الجمعية الوطنية الفرنسية بمجموع 220 صوتا بعد ثلاث جولات من التصويت مثيرة للجدل نظرا إلى مشاركة 17 وزيرا برلمانيا أعضاء في حكومة تصريف أعمال مستقيلة حديثا في حين احتل مرشح تحالف اليسار الشيوعي أندريه شاساني المركز الأول في الجولة الأولى من الانتخابات بمجموع 200 صوت وحصل على 207 أصوات في الجولة الثالثة اعترضت الجبهة الشعبية على هذه النتائج وقدمت التماسا إلى المجلس الدستوري لإلغائها نظرا إلى مشاركة 17 وزيرا برلمانيا متهمة حكومة ماكرون بانتهاك المادة 23 من الدستور التي تحظر الجمع بين عضوية الحكومة وتولي أي ولاية برلمانية أو أي منصب تمثيلي مهني في المستوى الوطني أو أي وظيفة عامة أو نشاط مهني أقحم ماكرون الأغلبية الكافية مفهوما جديدا غير وارد في دستور البلاد الذي يشير فقط إلى الأغلبية المطلقة لا غرابة في أن يلتحق القانون والديمقراطية بضحايا الماكرونية ففي أشهر زلات لسانه في خطاب ألقاه يوم 16 سبتمبر أيلول 2017 أمام الجالية الفرنسية في نيويورك تعهد ماكرون بإخراج فرنسا من سيادة القانون بحلول شهر نوفمبر تشرين الثاني المقبل قبل أن يتدارك الموقف مضيفا أنه يقصد الخروج من حالة الطوارئ المستمرة منذ هجمات 2015 يوما بعد يوم يتضح أن الرئيس الفرنسي خارج عن القانون ويتلاعب بالشعب يمنة وشمالا فعند حله الجمعية العامة ادعى أنه يرغب في إعطاء الكلمة للفرنسيين وحين قال الفرنسيون كلمتهم عبر صناديق الاقتراع تجاهل خسارة حزبه ومضى يناور من أجل الاستفراد بحكم رئاسي غير قابل للتعايش مع المعارضة إنكار سيادة الشعب التي أقرتها الثورة الفرنسية ودستور الجمهورية الخامسة الذي يقوم على مبدأ حكومة الشعب من الشعب ومن أجل الشعب جعل رئيسة الكتلة النيابية لحزب فرنسا الأبية ماتيلد بانو تتساءل إن كان ماكرون سيحل الشعب بعد أن حل البرلمان مستحضرة المقولة الساخرة للكاتب المسرحي الألماني برتولد بريخت بما أن الشعب يصوت ضد الحكومة ينبغي حل الشعب

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح