في العصر الذي نعيش فيه صارت الديمقراطيات موضع تساؤل في جميع أنحاء العالم حتى إن مؤسسي هذا النظام لإدارة الدولة والمجتمع منذ القدم كانوا يعلمون أنه نظام غير كامل وفعلا مع مرور الزمن طرحت العديد من التساؤلات من زوايا مختلفة فمن ناحية هناك المستبدون الذين يريدون مزيدا من السيطرة على أدوات الحكم والإعلام والتعبير ومن ناحية أخرى لدينا أولئك الذين يعتبرون أن الديمقراطيات الحالية ليست ديمقراطية بما فيه الكفاية وبالتالي يطمحون إلى مشاركة أكبر للمواطنين في صنع القرار هذه الأمور وغيرها يعالجها الكاتب الفنزويلي من أصل ليبي موسى نعيم في كتابه الصادر حديثا عن دار ديباتي والذي يحمل عنوان ما يحدث لنا إذ يعد استكمالا لمشروعه الأول بعنوان إعادة التفكير في العالم 111 مفاجأة في القرن الحادي والعشرين والذي يتناول فيه القضايا الكبرى التي تهدد مجتمعاتنا سيادة القانون حالة الطوارئ المناخية الذكاء الاصطناعي أزمة الديمقراطيات وما بعد الحقيقة نقطة البداية في الكتاب هي عدم اليقين الهائل الذي نواجهه في مجتمعاتنا غير أن المؤلف لا يقدم حلولا بل يثير تساؤلات ويدعونا للتأمل في المشكلات وفي تحليلها أيضا بعيدا عن الأفكار الشائعة وعن التحليلات الإيديولوجية قد تكون مسألة الديمقراطيات الراهنة هي الثيمة الرئيسية في الكتاب ذلك أن المؤلف يناقش المشكلة وعيوبها من زوايا مختلفة لكنه دائما ينتهي تقريبا بإلقاء اللوم لا على النظام الديمقراطي نفسه بل على من يمارسه أي على المواطنين الذين وكما يقول نادرا ما يتم تحليل ممارساتهم وسلوكهم إن كانت حقا ديمقراطية أم لا يتخذ الكاتب كمثال على ذلك الولايات المتحدة الأميركية كنموذج حكم ديمقراطي فيقول إننا كي نحصل على ديمقراطيات أفضل نحن المواطنون علينا أن نبذل جهدا أكبر في العثور على قادة ديمقراطيين بالمعنى الحقيقي للكلمة هكذا لا يلقي الكاتب اللوم على النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة وإنما على المواطنين الذي قاموا بانتخاب ترامب مثال آخر يقدمه الكاتب هو فنزويلا وهنا لا يتردد في نقد اليسار الأوروبي وخصوصا في إسبانيا الذي رأى على حد تعبيره في أميركا اللاتينية حلا لمشكلاته يقول لدينا فنزويلا على سبيل المثال والتي يمكن وصفها بنموذج دولة فاشلة والسبب كما نعلم هو التدهور الاجتماعي والاقتصادي للبلد الذي أدى إلى خيبة أمل عميقة وانزعاج في المجتمع مرة أخرى المواطنون ليسوا أبرياء مما حدث لقد وصل هوغو شافيز إلى السلطة من خلال الأصوات يعي الكاتب فكرة وجود عوامل أخرى تؤثر في اللعبة الديمقراطية وفي قرارات المواطنين كالتعليم والوعي الاجتماعي والوضع المعيشي لكنه يرى أنه من الضروري من أجل بناء مستقبل نتمتع فيه بقدر أكبر من الحرية والرخاء والعدالة امتلاك ما يسمى بـالوعي الاجتماعي الذي على حد تعبيره لا يمكننا بدونه امتلاك أي وعي سياسي