هل يتنزل الرب القدير لينحي بايدن مرشحا

٧١ مشاهدة
في الأول من سبتمبر أيلول عام 2022 وقبل شهرين من الانتخابات التشريعية الأميركية النصفية التي كانت استطلاعات الرأي تتنبأ باجتياح جمهوري كاسح لها على حساب الديمقراطيين اختار الرئيس جو بايدن أن يلقي خطابا للشعب الأميركي من قاعة الاستقلال في فيلادلفيا في ولاية بنسلفانيا لم يكن اختيار المكان عبثيا كما أوضح بايدن نفسه في خطابه إذ فيها أعلنت أميركا استقلالها منذ أكثر من قرنين وفيها كتب دستور الولايات المتحدة ومنها أطلقنا التجربة الأكثر استثنائية للحكم الذاتي التي عرفها العالم كانت رسالة بايدن واضحة وبسيطة ومباشرة مكتسبات الأميركيين في الديمقراطية والحريات المدنية والحقوق الدستورية في خطر ومهددة من الرئيس السابق دونالد ترامب وتياره ماغا الذي أحكم سيطرته على الحزب الجمهوري وماغا اختصار لشعار ترامب اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى لم يتردد بايدن في خطابه ذاك في وصف الرئيس السابق وتياره بأنهما يشكلون خطرا وتهديدا لأميركا مذكرا برفض ترامب الاعتراف بخسارته الانتخابات عام 2020 واقتحام أنصاره مطلع 2021 مبنى الكونغرس في محاولة لوقف نقل السلطة دستوريا حينها لم يكن كثير من الديمقراطيين مقتنعين باستراتيجية الرئيس القائمة على الضرب على وتر مخاوف الأميركيين من شبح ترامب الغاضب والراغب في الانتقام والمشبع بقناعات وتوجهات استبدادية ولكن نتيجة الانتخابات لم تثبت خطأ استطلاعات الرأي وقتها فحسب بقدر ما أنها أثبتت دقة حسابات بايدن وخطأ حسابات من خالفوه بين الديمقراطيين خسر الديمقراطيون مجلس النواب ولكن بفارق أربعة مقاعد وليس كما كانت تقترح استطلاعات الرأي بأكثر من 60 مقعدا كما عززوا أغلبيتهم في مجلس الشيوخ بمقعد إضافي 49 51 بعد النجاح الديمقراطي الكبير في تجنب موجة جمهورية حمراء عاتية تجرفهم عام 2022 مدينين في ذلك لفزاعة ترامب التي نصبوها وأثارت مخاوف الأميركيين رست الحملة الانتخابية لبايدن عند هذه الاستراتيجية بل إنها كانت تتمنى أن يكون ترامب هو المرشح الجمهوري المقابل لهم وعندما تحقق لهم ما أرادوا لم يدخر الرئيس فرصة لتذكير الأميركيين بـالتهديد الذي يمثله ترامب للديمقراطية الأميركية واستفادت الحملة من القضايا الفدرالية والولائية التي يواجهها الرئيس السابق بما فيها قضية اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس وكذلك ضغطه من أجل تزوير نتيجة انتخابات ولاية جورجيا التي خسرها لكن هذه الاستراتيجية سقطت سقوطا مدويا في المناظرة الرئاسية الأولى بين بايدن وترامب في 27 يونيو حزيران الماضي وبدا فيها بايدن منهكا وهنا مشتتا تائها وخرفا مباشرة ثار الذعر بين الديمقراطيين خصوصا أن استطلاعات الرأي أكدت انتصار ترامب في المناظرة وأنه كان أكثر تماسكا وإدراكا من بايدن ثم ما لبثت الاستطلاعات أن أظهرت بثبات أن ترامب على الأرجح سيربح الانتخابات الرئاسية بعد أقل من أربعة أشهر إذا بقي بايدن مرشح الديمقراطيين هكذا تحول بايدن من أكثر الديمقراطيين تأهلا لمنع دورة رئاسية ثانية لترامب ولردع خطره على أميركا إلى المرشح الديمقراطي الأضعف الذي قد يقدم الرئاسة لترامب على طبق من ذهب مع أنه لم يكن مضى شهر على إدانته ترامب بـ34 تهمة جنائية في قضايا احتيال ضريبي ومخالفة لقوانين التمويل الانتخابي عام 2016 ومن ثم لم يكن مستغربا أن يسارع ديمقراطيون ومن المؤثرين والمتبرعين الكبار إلى مطالبة بايدن بالتنحي عن الترشح وإفساح المجال لبديل له قبل المؤتمر الحزبي الديمقراطي في الشهر المقبل أغسطس آب لكن بايدن رفض كل تلك الدعوات والضغوط عليه تحول بايدن إلى المرشح الديمقراطي الأضعف الذي قد يقدم الرئاسة لترامب على طبق من ذهب اللافت أن بايدن لا يزال يصر أنه الأكثر تأهلا ليكون رئيسا وللفوز بهذا السباق الانتخابي كما قال في المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معه محطة سي بي أس الأميركية يوم الجمعة الماضية كانت حملته الرئاسية تطمح أن تعيد تلك المقابلة بث ثقة الديمقراطيين والناخبين في مرشحهم ولكنه رغم عدم ارتكابه أخطاء كارثية بدا فيها باهتا وضعيفا أما المفارقة الأبرز فجاءت حين سأله المحاور ما إذا كان سيقبل بالتنحي إذا ما ثبت أن بقاءه مرشحا سيأتي بترامب رئيسا وهو ما يزعم بايدن أنه في مهمة للحيلولة دونه يعتمد الأمر على ما إذا كان الرب القدير سيأتي ويقول لي ذلك فربما أفعل ذلك هكذا أجاب بايدن ثم أضاف إذا نزل الرب القدير وقال جو اخرج من السباق فسأخرج من السباق لكن الرب القدير لن ينزل هنا ربما كان يفترض في المحاور أن يسأل بايدن عما إذا كان فعلا يختلف عن ترامب في ولهه بالسلطة وتمسكه بها كما بايدن فإن ترامب يرى نفسه المخلص والمنقذ والقائد الملهم والزعيم الأوحد ومبعوث العناية الإلهية وهي عبارات وصف بها الأكاديمي إمام عبد الفتاح إمام الطاغية في كتابه القيم الطاغية وصدر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية 183 مارس آذار 1994 الخبر السيئ لبايدن أن الرب القدير قد يتنزل فعلا وينحيه عن الترشح رغما عنه أو ربما يجعل منه عبرة لكل مكابر ومعاند ومجرم حرب كما في شراكته الخسيسة في جريمة إبادة قطاع غزة عبر خسارته الانتخابات لصالح رجل مدان جنائيا ولا يقل انحطاطا وإجراما عنه إنه قدر العالم المبتلى بالهيمنة الأميركية أن يختار بين سيئ وسيئ سواء حكم ديمقراطيون يزعمون المثالية الزائفة أم جمهوريون لا يتورعون عن إبراز الوجه البلطجي الحقيقي لتلك الهيمنة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح