كيف يؤثر فوز اليمين المتطرف في فرنسا على العلاقات مع الجزائر
٤٣ مشاهدة
يسود الترقب السياسي في الجزائر انتظارا لما ستؤول إليه النتائج النهائية في باريس بعد فوز لافت لقوى اليمين المتطرف في فرنسا في الدورة الأولى من الانتخابات حيث يتوقع أن يتسبب صعود هذا التيار المعادي للمهاجرين ولمسار التسوية التاريخية مع الجزائر في إثارة توترات سياسية بين البلدين وعرقلة مساعي الجزائر في استعادة بعض الحقوق والأغراض المادية من فرنسا ما يجعل الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس نفسها محل شك في أن تتم في الأجل المتفق عليه وقال الباحث الجزائري في علم الاجتماع السياسي الدكتور فيصل ازدارن المقيم في باريس والمهتم بالعلاقات الجزائرية الفرنسية وقضايا الهجرة في حديثه مع العربي الجديد إن تصور علاقة بين الجزائر وباريس في حال وصول اليمين المتطرف في فرنسا إلى الحكم متوقف على ردة فعل الحكومات المعنية فاليمين المتطرف جعل ملف الهجرة في أعلى قائمة انشغالاته وحتى موضوع حملته الانتخابية ولا يخفى على الجميع أن اليمين المتطرف لديه تاريخ غير مشرف في أعمال فرنسا الاستعمارية مع الشعب الجزائري وحرب التحرير وسيلقي ذلك بظلاله على مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين في حال فوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية القادمة أو حتى في الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها سنة 2027 هذا إذا سلمنا بضعف النظام الماكروني الذي لقي هزيمة نكراء في الانتخابات الأوروبية والدور الأول للانتخابات التشريعية وأضاف الباحث أنه قد يكون للنظام الرئاسي دور في الإبقاء على الحد الأدنى لهذه العلاقات ولكن إذا حققت الأحزاب المعارضة أغلبية مريحة في البرلمان فذلك سيكون صعبا للغاية وسيلقي العمل التشريعي بظلاله على سير العلاقات الثنائية بين البلدين لعرقلة ما تم الاتفاق عليه وردا على سؤال عما إذا كان وصول اليمين المتطرف في فرنسا إلى الحكم سيعرقل مسار معالجة الملفات وقضايا الذاكرة بين البلدين والذي بدأ منذ تفاهمات أغسطس آب 2022 خلال زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر اعتبر الباحث أنه في حال سلمنا أن الحكومة ستكون من تشكيل اليمين المتطرف فقد يشوش ذلك على العلاقات بمجملها وقد تتراجع الإرادة الفرنسية في كثير من الملفات المتعلقة بالذاكرة لأن هناك اختلافا عميقا على مستوى النخب السياسية والفكرية الفرنسية في التعامل مع هذا الملف بالذات علما أن فرنسا الرسمية ليس لديها رؤية وموقف واضحان لملف الذاكرة والقضايا التاريخية العالقة وكان الرئيسان تبون وماكرون قد وقعا على تفاهمات في أغسطس آب من عام 2022 تتضمن تشكيل لجنة مشتركة تضم خمسة مؤرخين من كل دولة تعمل على مناقشة الملفات العالقة ووضع خطوات لمعالجتها خاصة تلك التي ما زالت تمثل نقطة خلاف عميق بين الجزائر وباريس على غرار ملف تطهير مناطق التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء والأرشيف الجزائري المهرب إلى فرنسا ومسألة المفقودين وجماجم المقاومين وغيرها لكن أكثر الملفات التي يتوقع أن تكون محل جدل سياسي بين الجزائر وباريس في حال وصول اليمين المتطرف في فرنسا إلى السلطة تلك التي تخص مسائل الهجرة والمهاجرين خاصة وأن قيادات اليمين المتطرف كانت صرحت برغبتها في إلغاء أو تعديل اتفاقية عام 1968 والتي تمنح الجزائريين امتيازات خاصة في العمل والإقامة والتجمع العائلي مقارنة بالجاليات الأخرى في فرنسا وفي هذا السياق قال ازدارن لعل ملف الهجرة والجالية الجزائرية من أهم وأعقد الملفات التي تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية بين البلدين وقد شهد هذا الملف تصعيدا على عدة فترات أثناء العهدة الأولى لماكرون وما هو مؤكد أن اليمين المتطرف سيكون أشد معاملة مع هذا الملف حيث إنه يقترح حلولا أكثر تطرفا في ما يخص طرد الرعايا الجزائريين في وضعية غير قانونية والموجودين في مراكز الحجز الإداري ولن يكون ذلك إلا بالضغط على السلطات الجزائرية لاستصدار التصاريح القنصلية للمرور مضيفا أن معضلة أخرى قد تؤثر على العلاقات وهي مبدأ حرية التنقل الذي لا يعترف به اليمين المتطرف إذ إنه من المرجح أن يتم إفراغ الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968 من محتواها في حال وصول اليمين المتطرف لسدة الحكم وهذا أقل شيء متوقع وقد تدفع التطورات السياسية القائمة في فرنسا إلى مزيد من التأجيل المحتمل لزيارة الرئيس الجزائري إلى باريس مرتين متتاليتين والتي كانت مقررة في بداية أكتوبر تشرين الأول المقبل خاصة وأن تبون كان قد أعلن في وقت سابق إنه يرفض القيام بزيارة بروتوكولية لا تتضمن تحقيق أي أهداف واتفاقات حول قضايا محددة أبرزها ملف الذاكرة والشؤون السياسية ومسائل تخص تنقل الأشخاص بين البلدين