متى يأتي وقت الكتابة

٦٥ مشاهدة
يبدو للكثيرين القول بأن القراءة هي التمرين الأفضل للكتابة قولا يدعوهم للتبرم لأن المقصود ليس مجرد القراءة وإنما المزيد منها المزيد والمزيد منها وهناك اعتقاد مجازف لدى من يقدم على الكتابة بأنه أول من يكتب اعتقاد قد يدفعه بالمبدأ إلى كتابة ما هو جديد فعلا إلا أنه بالقدر نفسه يمكن أن يكون اعتقادا أحمق في الأحوال جميعها إنه اعتقاد بطولي لكنه يفتقر إلى الموضوعية فالأمر في الحالات التي نعرفها في الحالات التي نقرأ عنها وفي الحالات جميعها أن القراءة هي التمرين الأفضل على الكتابة أو هي بدايتها وقد درج لدى كتاب عالميين من أمثال الروائي الأميركي هنري ميلر 1891 1980 أن يكتبوا كتبا عن تجاربهم في القراءة وعن الكتب التي غيرت وعيهم لكن ما يحدث في الثقافة التي لا تحفل بالقراءة أن شاعرا حداثيا مثل محمد الماغوط 1934 2006 أحد المؤثرين في قصيدة النثر اعتاد على التكرار والتباهي بأنه لم يقرأ المعلقات ويمكن أيضا أن تشهد تعليقات لآخرين يقولون الأمر نفسه بتنويعات مختلفة في تحقير القراءة وفي صعوبة قراءة الكلاسيكيات إما لطولها أو لعسر فهمها حتى إن الكثير من الكتب المشهورة مشهورة بأنها الكتب التي يعرفها الجميع إلا أن قلة من قرأوها مثل رواية الصخب والعنف لـ ويليم فوكنر 1897 1962 اعتاد الماغوط على التكرار والتباهي بأنه لم يقرأ المعلقات إذا يحدث أن يقال بأن القراءة المواظبة ليست لازمة كي تكون كاتبا وهذا رأي يغفل عن حقيقة أن الكتابة نوع من المحاكاة لكتب الآخرين وبقدر ما هي كشف للواقع إنها تأثر بما قرئ وطموح للتأثير في كتب الآخرين ثم بغياب أو ضعف تأثير الكتب في الواقع ما تزال تؤثر ببعضها ولاختيار ما نقرأ بالغ الأثر في كتاباتنا لأن هذا التأثير يأتي من بداهة عملية الكتابة إذ إلى جانب الواقع يظهر مخزون الكلمات والأساليب والصور التي حفظناها طويلا من قراءاتنا ما تفعله القراءة بمعزل عن ورود فكرة الكتابة أنها تطلع القارئ على الأساليب التي تقص بواسطتها الحكايات وتتركه على مقربة من التعبير سواء التعبير الوصفي لما يحدث خارج الشخصيات التي يقرأها أو ذلك التعبير عن العالم الداخلي للشخصيات وانفعالاتها وتغيرات نفوسها هذا لو تركت جانبا التعبير نفسه أي اللغة ومعرفة استخدام المفردات والتراكيب والجمل أو بمعنى أكثر دقة حسن استخدام الكلمات والتراكيب والجمل القراءة تقدم الحد الأدنى مما يعوزه الكاتب قبل ورود فكرة الكتابة لديه والقراءة طريقة تشبه الهداية ما إن ترد فكرة الكتابة لدى أحدهم ربما تنمو الحاجة إلى القراءة إلى جوار حاجة أخرى وهي الحاجة إلى التجربة التي إما تكون تجربة في العيش أو تجربة في الذهن على اختلاف أنواع الروايات التي تنتجها التجارب التي تحمل طبيعة متمايزة أيضا القراءة نشاط يرافق الكتابة ليست نشاطا ينتهي ليبدأ آخر وأحيانا يبدو قول البديهيات هذه أمرا محرجا لكن ما يحدث أن عصر السرعة أضفى صفته على الكثير من الأنشطة التي تقتضي بطئا والمزيد المزيد من البطء وكثيرا ما يستعجل القارئ الذي وردت لديه فكرة الكتابة السؤال ألا يكفي قراءة ألم يأت وقت الكتابة باختصار يمكن المجازفة بالقول لا يمكن أن تكون كاتبا كبيرا ما لم تكن قارئا كبيرا هذه جملة كثيرا ما نسمعها أو نستخدمها وهي جملة قد تحتمل وجهات النظر لكن المؤكد لا يمكن أن تكون كاتبا ما لم تكن قارئا في البدء أقصد كاتبا بمعنى صناعة الكتاب لا بالمعنى الأثيري الذي يتيح للأطفال أن يكونوا ألمع الشعراء روائي من سورية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح