ولادة سورية الجديدة وتحديات تثبيت القيادة
تمرّ سورية اليوم بمرحلة سياسية جديدة بعد سنوات طويلة من الحرب والانقسام، مع بروز الرئيس أحمد الشرع شخصيةً مركزيةً تحاول إعادة تعريف موقع سورية الإقليمي والدولي، وصياغة رؤية مختلفة للعلاقات الخارجية والتوازنات الداخلية. وجاءت مقابلة الشرع الأخيرة مع قناة الشرق على هامش قمّة المناخ في البرازيل (COP 30) لتعكس خطاباً يسعى لتأكيد أنّ ولادة سورية الجديدة تمثّل بداية لتاريخ مختلف، ولفتح الباب أمام علاقات أكثر انفتاحاً مع القوى العالمية والإقليمية.
ركّز الشرع في حديثه على أنّ سورية كانت دائماً ذات وزن تاريخي، لكن النظام البائد فصلها عن العالم لعقود، في محاولة لإرساء سردية جديدة تضع حكومته في موقع القطيعة مع الماضي وتسعى لإعادة دمج البلاد في المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة. هذه المقاربة التصالحية تواجه تحديات كبيرة، سواء على صعيد استعداد القوى الدولية والإقليمية لتقبُّل التحوّل، أو على قدرة القيادة على تحويل الخطاب إلى خطوات عملية ملموسة.
على الصعيد الدولي، اعتمد الشرع منهجاً براغماتياً يقوم على البدء بالفعل أولاً، ما يعكس سعيه لبناء الثقة عبر الأفعال قبل التصريحات. وتبرز هنا محاولات لإعادة تفعيل الدور الجيوسياسي لسورية باعتباره عامل توازن في الإقليم، بما في ذلك فتح قنوات تواصل مع واشنطن، رغم ارتباط ذلك بملفات حساسة مثل العلاقة مع إيران، والتطبيع العربي الإسرائيلي، والتحالفات الدولية الجديدة.
إقليمياً، حرص الشرع على توجيه رسائل واضحة للسعودية ودول الخليج، مؤكداً أن أمن سورية جزء من أمن المنطقة، ضمن إطار دبلوماسية الأمن المشترك، بهدف تجاوز الشكوك وبناء تعاون اقتصادي وأمني مستدام، كما أشار إلى المحبة بين الشعوب باعتبارها عنصراً أساسياً للعلاقات المستقبلية، ما يوضِّح إدراكه أن المصالحة الإقليمية لا يمكن أن تكون سياسية فقط، بل تتطلب أيضاً أبعاداً شعبية واجتماعية.
ويمثّل قرار مجلس الأمن الأخير برفع اسم الشرع ووزير داخليته أنس خطاب من قوائم العقوبات خطوة رمزية نوعية، تعكس توافقاً نادراً بين القوى الكبرى، ويمكن أن يُمهِّد لحلحلة ملفات دولية أخرى. ومع ذلك، يظل هذا التوافق مرتبطاً بحسابات دقيقة بين واشنطن وموسكو وبكين، أكثر من
ارسال الخبر الى: