وطن أم جماعة

51 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

يمنات

أيوب التميمي

((يقول غوستاف لوبون: «لا شيء يفسد الأديان مثل إشراكها في أمور الحكم))

جملة تلخص مأزقاً تعيشه كثير من البلدان التي حاولت تحويل الإيمان إلى سلطة سياسية. واليمن، بمنظومتها الاجتماعية المتنوعة وتاريخها المعقّد، ليست خارج هذا المأزق بل في قلبه تماماً.

فعندما نضع فكرة “الدولة الدينية” تحت مجهر الحالة اليمنية، نكتشف أن الإشكال ليس في الدين ذاته، بل في تحويله إلى مشروع حكم مطلق، وفي محاولة مواءمة منظومة شاملة بطبيعتها مع بلدٍ مبني على تقاليد محلية، ومناطقية، ومذهبية، وثقافية لا يمكن حصرها في قالب واحد.

ففي منظومة الدولة الحديثة، تقوم الشرعية على إدارة التنوع، لا على إعادة صياغته أو قهره. أما الدولة الدينية فتنطلق من تصور يقدّم الحقيقة المطلقة، ويحوّل المجتمع إلى هرمية قائمة على الانتماء الإيماني.

وهذا التوتر البنيوي يبرز بوضوح في اليمن فحين يحاول أي طرف احتكار السلطة باسم الدين—أياً كان اتجاهه—فإنه يضع نفسه في مواجهة مجتمع متعدد، لا يمكن اختزاله في هوية أحادية.

أغلبية مزعومة… وأقلية موهومة

يحبّ البعض في اليمن الاحتجاج بالـ«أغلبية» لتسويغ تحويل الهوية المذهبية إلى مرجع سياسي. لكن ما معنى الأغلبية في بلدٍ يختلف فيه المذهب من محافظة لأخرى، ويتداخل فيه الزيدي بالشافعي، وينقسم فيه الريف على أساس قبلي لا مذهبي؟

الديمقراطية ليست تفويضاً عددياً، ولا لحظة فرز مذهبي، بل منظومة مؤسساتية تقف على مسافة واحدة من الجميع. ولو اعتمدنا منطق «حكم الأغلبية الدينية» تماماً كما يفهمه المتحمسون للدولة الدينية، لوجب علينا أيضاً قبول أن تُحكم اليمن يوماً ما بقراءة دينية ليست زيدية ولا شافعية بل تأويل وافد! وهذا ما حدث فعلاً في بعض المراحل حين تحولت بعض القوى إلى وكلاء لقراءات عقدية خارجية.

تتجلى ازدواجية الموقف بوضوح. فالقوى التي ترفض أن تُفرض عليها هوية دينية من الخارج، هي نفسها التي تسعى لفرض هويتها الخاصة حين تمتلك القوة. وترفع شعار “حكم الشريعة” بمفهومها الخاص، ثم تستنكر أن يفرض غيرها تأويلاً آخر للشريعة.

إنها ليست معركة دين، بل معركة سلطة، تُستخدم فيها النصوص

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع يمنات لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح