عطوان كيف تحول ترامب إلى محبوب العرب بين ليلة وضحاها تنهال عليه قصائد المدح من كل الجهات وهل فرض فعلا وقف النار في غزة على نتنياهو بالتهديد والوعود إليكم التفاصيل
عبد الباري عطوان
سُبحان الله، فجأةً انتقل دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المُنتخب من الرّجل “الشّرّير” الذي يُريد “تسمين” دولة الاحتلال النّحيفة بإضافة أراضٍ جديدةٍ لها، وصاحب اختراع “صفقة القرن” التي يحتل التطبيع، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة، وحلب أموال العرب، أبرز أركانها، إلى الرّجل الصّديق “الحميم” للعرب والعدو اللّدود لدولة الاحتلال، ويعود له الفضل في وقفِ حرب الإبادة في قطاع غزة، وإجبار نتنياهو على القُبول “مُكرهًا” بوقفِ إطلاق النّار.
ترامب باتَ الآن بمثابة البطل في نظر الكثيرين من السياسيين والكتّاب العرب الذين يكيلون له المديح، وينظمون القصائد في شجاعته في ليّ ذراعِ نتنياهو، وإجباره تحت التّهديد بقُبول وقف الحرب في غزة قبل عودته إلى البيت الأبيض وإلّا.
***
هُناك ست نقاط رئيسيّة لا بُدّ من التوقّف عندها قبل التسرّع بإصدار أحكام مُؤيّدة أو مُعارضة لهذا الانقلاب المُفاجئ تُجاه هذا الرّجل، وسياساته المُقبلة في مِنطقتنا، ومُستقبل الصّراع العربيّ الإسرائيليّ بعد مُعجزة “طوفان الأقصى” ونتائجها وحرب غزة ولبنان واليمن:
- أوّلًا: التغيير في سياسة ترامب تُجاه دولة الاحتلال إذا وُجد فعلًا، ليس نتاج خلاف مع هذه الدولة وحُروبها ومجازرها وعُنصريّتها وحرب إبادتها أو تعاطفًا مُفاجئًا مع العرب والمُسلمين، وإنّما هو خلافٌ مع قيادتها الحاليّة، وبنيامين نتنياهو على وجه الخُصوص، خلافٌ يرتكز على “أحقادٍ” شخصيّةٍ، منبعه الأساسي نُكران نتنياهو للجميل، وتأييده القويّ لخصمه الديمقراطيّ جو بايدن الذي هزمه في الانتخابات قبل الأخيرة، اعتقادًا منه أنّ ترامب انتهى عُمره السياسيّ ولن يعود إلى السّلطة.
- ثانيًا: ترامب تاجرٌ، ولا يهمّه إلّا الأرباح الماديّة ويُؤمن في أعماقه بأنّ هُناك ترليونات في الشّرق الأوسط العربي حانَ قطافها لتعزيز الاقتصاد الأمريكي وقوّة العملة الأمريكيّة، والحفاظ على هيمنتها الاقتصاديّة، وبالتّالي العسكريّة في العالم بأسره، والتصدّي لمُحاولات الصين وروسيا لتقويض هذه الهيمنة والدّول العربية وثرواتها أقصر الطّرق.
- ثالثًا: ترامب يُدرك جيّدًا أنّ أيّام نتنياهو وتحالفه اليميني المُتطرّف (الليكود) باتت معدودة، وأنه انهزم في قطاع غزة وفي اليمن، وجنوب لبنان (قد يعود قريبًا) نتيجة فشل حُروب إبادته في القضاء على أذرع المُقاومة، وفرض الاستسلام
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على