ورق تواليت الشخص الوحيد المستيقظ بين الجميع
استضافت مؤسسة فوتوغرافيسكا في ستوكهولم معرضاً تحت عنوان ورق تواليت (TOILETPAPER). في هذا المعرض، يواجه الزائر مشهداً غير مألوف، يتمثل في مسبح ضخم ممتلئ بآلاف من الموز البلاستيكي، وجدران تغطيها صور مُبهجة وصادمة. الصور هنا ليست خدعة فوتوشوب، ولا لعبة بصرية صنعتها تقنيات الذكاء الاصطناعي، بل إنّها جزءٌ من المعرض الذي يقدمه الثنائي الإيطالي؛ ماوريتسيو كاتيلان أحد أكثر الفنانين شهرة في العالم المعاصر، وبيرباولو فيراري المصوّر الذي عُرف بقدرته على تحويل أبسط المشاهد اليومية إلى صور مشبعة بالسخرية.
الاثنان أسّسا عام 2010 مجلة ورق تواليت لتكون مشروعاً بصرياً خارجاً عن المألوف، يواجه ما اعتبراه آنذاك جمود العالم الفني المحافظ. ومنذ ذلك الحين، تحولت المجلة إلى علامة فارقة في الثقافة البصرية، إذ تجمع بين لغة الإعلانات المبهجة والسخرية اللاذعة.
يصف كاتيلان تجربة الدخول إلى المعرض بأنها تشبه الدخول إلى أفضل حفلة في حياتك، لكنك بعد قليل ستكتشف أنك الشخص الوحيد المستيقظ وسط الجميع. فعلى امتداد القاعات، يتنقل الزائر بين مشاهد تتراوح بين الطرافة والصدمة، إذ تمتلئ الصور بألوان صارخة وديكورات مبالغ فيها، وأجساد وأشياء موضوعة في تكوينات تُشعر المتلقي بالدهشة والارتباك في آن. لكن ما يبدو للوهلة الأولى فوضى بصرية، يخفي وراءه مقصداً فنياً واضحاً، وهو كسر كل القواعد الجمالية المألوفة، وترك الزائر يواجه الصور من دون دليل أو شرح. فالمعرض لا يقدّم هنا نصوصاً تفسيرية، ولا يفرض على الجمهور معنى محدداً، كما أن كل مشهد مفتوح على احتمالاته الخاصة.
المعرض ليس مجرد ألعاب بصرية للترفيه، بل محاولة لطرح أسئلة حول ثقافة الصورة اليوم، ففي الوقت الذي تسود فيه الصور الرقمية والفلاتر المعدّلة والتجارب الافتراضية، يصرّ الثنائي على صناعة كل عنصر بأيديهم في الاستوديو بميلانو، من الفواكه البلاستيكية إلى الخلفيات المرسومة، مروراً بأدق التفاصيل. لا وجود هنا للحيل الرقمية أو البرامج الذكية في هذه الأعمال، بل هناك رهان على الحِرفية اليدوية التي تذكّر بجذور التصوير والإعلان. ولعل هذا الإصرار على الواقعي المصنوع يضع المشروع في مواجهة مباشرة مع الثقافة البصرية
ارسال الخبر الى: