4 وجوه لا ولن تنسى علموني أن ما بين الصحافة والإدارة خيط من الوفاء

منذ أن وضعت قدمي على أول عتبة في مهنة المتاعب، في العام 2007، لم أكن أدرك أن الصحافة ستغدو مدرسة عمرٍ، لا يتخرج المرء منها إلا بزادٍ من التجارب والوجوه والمواقف التي تشكّل ملامح شخصيته المهنية والإنسانية.
عملتُ في ثلاث صحف حملت في حروفها روح الوطن وتنوعه؛ في صحيفة الأيام حيث كنت مصححاً ومحرراً ومسؤولاً ثقافياً، وفي أخبار اليوم حيث خضت ميدان الصحافة الرياضية، وفي عدن الغد التي منحتني مسؤولية مدير التحرير لأتعلم معنى القيادة وسط زحمة العناوين وضجيج الأحداث.
كانت السنوات تمضي، والمهنة تهذب الحروف كما تهذب المعادن في أفران النار، وكل زميل ومدير مررت به كان بمثابة معلم خفي يترك بصمته في طين التجربة، غير أن هناك (أربعة) مسؤولين، سكنت ملامحهم ذاكرتي المهنية، لا لأنهم فقط رؤساء أو زملاء عملت معهم، بل لأنهم غرسوا في داخلي مبادئ الحكمة في إدارة البشر قبل إدارة العمل.
واليوم، وأنا في موقعي كـمدير عام الإدارة العامة للإعلام التربوي في ديوان وزارة التربية والتعليم، ومحاضر في كلية الإعلام أجد نفسي أستدعي سيرتهم كلما جلست على مكتبي مع الموظفين أو في قاعة الكلية مع طلابي، فهم من شكّلوا جزءاً من فلسفتي في التعامل والإدارة.
الأول: هشام باشراحيل.. (الباشا) في إنسانيته
للبعض نصيب من أسمائهم، وهشام باشراحيل واحد من أولئك الذين تجسدهم أسماؤهم قبل ملامحهم، (باشا) في حضوره، (باشا) في سلوكه، و(باشا) في إنسانيته.
كم مرة دخلت عليه وأنا أظن أن الغضب قد بلغ منه مبلغه، وأن العاصفة لا محالة قادمة، فإذا به يرفع رأسه إليّ مبتسماً، يطفئ نيران التوتر بكلمة رقيقة، ويمتص حدة الموقف بابتسامة الواثق.
منه تعلمت أن المدير الحقيقي ليس من يرفع صوته ليُسمع، بل من يملك ميزاناً دقيقاً يزن به الناس والظروف، تعلمت منه أن (الغضب إن لم يُجمّل بالحكمة، يصبح سيفاً على أصحابه).
الثاني: أمين الحاضري.. القلب الذي يتسع لوطن
(أمين) وما أدراك ما أمين الحاضري! مدير نادر المثال، يمارس القيادة بقلب الأخ لا بسلطة المنصب، يعامل موظفيه وكأنهم هم
ارسال الخبر الى: