يمكن لرواية الحرب والسلم لتولستوي وحدها أن تلخص بطريقة مثالية كيف يمكن للحرب أن تظهر في رواية ما ثمة من قال ما معناه إنه لو كان بوسعنا أن نعيد معركة بوردينو بين الروس والفرنسيين لما كان بالوسع إدارتها أفضل من الشكل الذي كتبه عنها تولستوي وغالبية القراء ينسون هذه الوقائع فمجد الرواية الحقيقي لا يأتي من توثيق الحرب أو إعادة تمثيلها بل من حكاية الحب يعود جورج أورويل من المشاركة في الحرب الأهلية الإسبانية مخذولا ليكتب لنا كتابا حزينا هو الحنين إلى كتالونيا وفيه يرى أن البطولة هي أن يتمكن أحد أصدقائه من شراء علبتي سجائر والعبور بها وسط حواجز المتحاربين يشعر المرء أحيانا حين يقرأ عن الحرب أنه يقرأ عن بشر بلا مشاعر إنهم جنود وضباط ينفذون الأوامر فقط دون أي إحساس أو تفكير وإذا ما توفرت لديهم تلك المشاعر فهي واحدة من اثنتين إما بغضاء وكراهية ولدها الخوف من الآخر والرهبة أمام الموت القادم والشعور بالخطر من وجود العدو وإما مشاعر الندم والرفض للحرب التي يخوضونها مكرهين كأن البشر يلجؤون للرواية كتابة وقراءة كتعويذة ضد الحرب ثمة من يخوض الحرب وهو يشعر بأنها ضرورة وقد لا تكتمل الحياة دون أن تحدث تلك الحرب ويتحقق الانتصار لا حساب للنتائج غير نتيجة واحدة هي الانتصار على العدو بينما تترك المشاعر والأحاسيس والوجدان وقضايا الضمير والموقف من القتل والتصفيات والمذابح أو يؤجل البحث فيها في العادة تسجل الشعوب نتائج الحرب في روايات ومسرحيات وقصائد وأفلام وقضايا فلسفية وبعض تلك الروايات تستطيع أن تعبر الثقافات واللغات وتتخطى عوائق الأخلاق المختلفة لتصبح وجدانا إنسانيا عاما وهي في الغالب تحاول أن تتحدث من وجهة نظر الضمير المذنب المعذب من النتائج الكارثية التي تجلبها الحروب كيف يمكن لأي حرب أن تتخطى الزمان والمكان في رواية يضع همنغواي في روايته وداع للسلاح الحرب خلف ظهره بينما يمجد الحب إذا كان هذا هو سبب شهرة الرواية أو سبب شهرة السلم والحرب وترجمتها إلى معظم لغات العالم فإننا أمام معنى وجداني عميق يقول إن قراء الروايات يفضلون الحب على الحرب أيضا من الصعب أن تجد من يتحدى هذه المقولة كأن البشر يلجؤون للرواية كتابة وقراءة كتعويذة ضد الحرب على الرغم من الحروب الكثيرة التي خاضها العرب فإن تجليات الحرب لا تزال قليلة نسبيا في الرواية ولم تكن رواية يوسف العقيد الحرب في بر مصر عن الحرب بل عن قهر الإنسان في الداخل بالاستفادة من ظرف الحرب يبدو كأن الحرب أدبيا قد آلت لأن تكون مسؤولية روائية في التعبير أكثر من الشعر والقصة والمسرح وهي تغدو بسبب ذلك مسؤولية أخلاقية على عاتق الروائيين أيضا فالسؤال لم يعد يتعلق بالوقائع بل بالمواقف من الحرب عم تفعله الحرب بالبشر سواء من حيث خسائر الأرواح أو دمارها النفسي وعم يفعله الروائي بالحرب في روايته هل يسجل وقائعها محايدا أم مؤيدا ومناصرا إحدى وجهات الحرب أم يتحداها بالقيم الإنسانية الأخرى التي تقول إن مشعلي الحروب هم أعداء الإنسان في كل مكان روائي من سورية