بناء دولة الخوف والهرم الداخلي والإدارة بالقمع والاستهداف الجمعي من الميليشيا إلى السلطة تحولات الحوثيين منذ مقتل صالح الصماد تحليل خاص

في أبريل 2018، شكّل مقتل صالح الصمّاد، رئيس المجلس السياسي الأعلى للميليشيا الحوثية، نقطة تحول مفصلية في بنية الميليشيا ومسارها السياسي والأمني، فبعد اغتياله في غارةٍ للتحالف العربي، انتقلت الميليشيا من طور الحركة الثورية إلى طور السلطة المغلقة.
ذلك الحدث لم يُنظر إليه داخليًا كضربةٍ من الخارج، بل كخيانةٍ من الداخل، فدفع القيادة إلى إعادة تعريف العدو وترتيب أولوياتها الأمنية والسياسية، ووفق تقرير خبراء الأمم المتحدة لعام 2018، «تزايدت الانشقاقات داخل صفوف الحوثيين مع استئثار عائلة الحوثي وأصهارها بالمناصب العليا»، وهي المرة الأولى التي يوثق فيها التقرير الأممي هذا القدر من الصراع داخل البنية الحوثية.
مقتل الصماد لم يكن مجرد خسارة قيادي، بل لحظة ولادة العقل الأمني الجديد للميليشيا الحوثية، فبعد الحادثة، تبدّل مفهوم الأمن من الحماية من العدوان الخارجي إلى الحماية من الخيانة الداخلية. رأت القيادة أن اغتيال الصمّاد نتج عن اختراقٍ أمني في أعلى مستوياتها، ومنذ ذلك الوقت أعادت بناء جهاز الأمن الوقائي وربطته مباشرة بمكتب عبد الملك الحوثي، خارج وزارة الداخلية.
تولّى محمد علي الحوثي وعبد الرب جرفان عملية الهيكلة، وأُقصيت العناصر التابعة لمؤسسات الدولة القديمة، ليحلّ محلها كوادر أيديولوجية درّبتها إيران وحزب الله، واستحدثت الميليشيا منظومة المشرفين الأمنيين على الأحياء والحارات، حيث تُرفع تقارير أسبوعية عن السكان، في ما يشبه نموذج الباسيج الإيراني، وبهذا الانتقال، تبلورت ثلاث ركائز للاستراتيجية الأمنية الجديدة: مركزة القرار الأمني بيد القيادة العائلية في صعدة، تحويل الأمن إلى أداة ضبط اجتماعي ومراقبة شاملة للمجتمع، وتوسيع تعريف العدو الداخلي ليشمل الخصوم السياسيين والكوادر المترددة وحتى قادة حوثيين سابقين، وتؤكد هيومن رايتس ووتش أن الميليشيا كثّفت منذ 2018 الاعتقالات بتهم التجسس ودعم العدوان، واستخدمتها لتبرير الإخفاء القسري والتعذيب، وهكذا تحوّلت حادثة الاغتيال إلى ذريعة لبناء دولة الخوف، حيث تقدّمت الأجهزة الأمنية على السياسيين، وصار المواطن هدفًا دائمًا لحراسة النظام.
مقتل صالح
مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في ديسمبر 2017 شكّل نهاية التحالف الهش بين الميليشيا الحوثية وحزب المؤتمر الشعبي العام، وبداية الشرخ العميق
ارسال الخبر الى: