نحن والاحتجاجات في إسرائيل

٤٠ مشاهدة
لا تتعلق الإضرابات والاحتجاجات الشعبية في إسرائيل ضد حكومة بنيامين نتنياهو بخصوص حرب الإبادة التي تشنها على غزة بوحشية إسرائيل ولا بالانتهاكات الفظيعة المرتكبة ولا بالقتل المنهجي للمدنيين إلخ بل بحياة الرهائن بالدرجة الأولى وهذا يقول الكثير عن قابلية الديمقراطية أن تنجب نسخا عمياء إنسانيا فضلا عن أنه يرسم خطا واضحا بين الاحتجاجات العالمية ولا سيما احتجاجات الطلاب في الجامعات ذات البعد الحقوقي الإنساني والاحتجاجات الإسرائيلية التي تنطلق من أرضية الحكومات الإسرائيلية نفسها في إنكار حقوق الفلسطينيين بما في ذلك حقوق الإنسان الأساسية مع ذلك تظهر هذه الاحتجاجات ما افتقدناه دائما في بلداننا وهو الحضور الشعبي في ما يخص قرارات الحرب وسياساتها يتصل هذا بصورة وثيقة مع شكل العلاقة بين الحكومات والمحكومين عندنا العلاقة ذات الاتجاه الواحد والقائمة على التغييب الكامل للناس عن إدارة شؤون حياتها وإنكار أي حق شعبي في التدخل وحتى في التفكير في المصالح العليا للبلد القاعدة في الحرب بصورة خاصة أن الأنظمة السياسية عندنا تماهي نفسها مع المصلحة العليا للبلد فلا يبقى أمام الناس والحال كذلك إلا أن يكونوا ممتثلين أو خونة وينسحب هذا الشكل من العلاقة على التشكيلات غير الدولتية سيما منها ذات المرجعية الدينية التي تتولى مهام عسكرية ضد إسرائيل على أن هذه التشكيلات لا تمتلك الولاية الكافية على المجال الوطني وهي لذلك أقل قدرة على ضبط الناس قياسا على الدول والحال أن بروز مثل هذه التشكيلات غير الدولتية بحد ذاته تعبير عن مشكلة وطنية عميقة الفشل المزمن عندنا في تحرير الدولة من استعمار الطغم الحاكمة يعمل على تعزيز ضعفنا المزمن إزاء إسرائيل غياب مبدأ المحاسبة في السياسات الداخلية وغيابها بشكل أكبر في سياسات الحرب وقراراتها وإدارتها يبدأ وينتهي في تغريب الناس عن أحوالهم وفي افتراض معصومية القادة ما يعني أن قراراتهم وسياساتهم هي أفضل ما يمكن وهي الأكثر خدمة للمصلحة الوطنية وأن الاحتجاج عليها لا يصب إلا في مصلحة الأعداء على هذا يبدو أن احتجاجات شعب العدو ومحاسبة قادته وسقوط بعضهم وربما محاكمتهم على أخطاء ارتكبوها هو برهان على صحة سياسات قادتنا الذين لا يخطئون لهذا تسود البهجة عندنا عقب صدور تقرير لجنة تحقيق إسرائيلية يحمل قادة إسرائيل مسؤولية فشل ما كما جرى مثلا عند إعلان تقرير لجنة فينوغراد في إبريل نيسان 2007 فبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف 2006 من دون أن تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة للحرب تدمير حزب الله تحرير الأسرى من دون تبادل تطبيق قرار مجلس الأمن 1559 تحرك الشارع الإسرائيلي للضغط على الحكومة من أجل تشكيل لجنة للتحقيق في الأداء السياسي والعسكري والأمني للقيادات الإسرائيلية تشكلت لجنة فينوغراد وأصدرت بعد عدة أشهر تقريرها الأول الذي حمل الحكومة مسؤولية فشل الحرب والفشل هنا لا يعني الهزيمة بل يعني أنه كان بالإمكان تحقيق نتائج أفضل سواء على صعيد إلحاق أذى أكبر بالعدو أو تفاد أكثر للخسائر استقال وقتئذ رئيس الأركان في أثناء سير التحقيقات قبل صدور التقرير واستقال بعد صدوره وزير الدفاع وتدنت كثيرا شعبية رئيس الوزراء إيهود أولمرت كان حزب الله حينها يغذي صورة عن نصر مؤزر وقد هلل لسقوط قادة الحرب الإسرائيليين بوصفه تأكيدا للنصر والحق إن الأمين العام للحزب حسن نصر الله سبق أن قال إن هذه الحرب ستكلف قادة إسرائيل مناصبهم وكان ذلك ولكن هل في ذلك مؤشر على نجاح الحزب وعلى أنه على الطريق الصحيح ولا وجاهة لأي تحقيق أو محاسبة لقادته أم أنه مؤشر على أن في إسرائيل آلية محاسبة تحتكم إلى مصالح الدولة العليا وأن القادة الإسرائيليين يبقون مهما بلغوا أدنى من هذه المصالح وعرضة للمحاسبة في خدمتها من البديهي أن ما تهدف إليه لجان التحقيق هذه إنما تحسين أداء القادة الإسرائيليين بما يعني توسيع فارق القوة بين إسرائيل ومحيطها فلا يكفي أن تكون إسرائيل متفوقة تقنيا وماديا فقط بل ينبغي أن تكون متفوقة أيضا في حسن إدارتها وفي سياساتها الحربية أما الجو الديمقراطي الداخلي الذي يسمح بالاحتجاجات فإنه لا يقل أهمية عن هذين الجانبين لأنه يمنع نشوء علاقة اغتراب بين الناس وحكومتهم فلا تبدو الحكومة جسما قمعيا مستقلا عن الناس وبعيدا عن تأثيرهم بات السوريون لا يبالون كثيرا بكل صنوف العدوان التي يتعرض لها بلدهم في ظل الطغمة الحاكمة الحالة المعاكسة نشهدها على نحو واسع وعميق في سورية فقد بات السوريون لا يبالون كثيرا بكل صنوف العدوان التي يتعرض لها بلدهم في ظل الطغمة الحاكمة بل إن قسما من السوريين بات بفعل مواظبة الطغمة الحاكمة على تغريب الناس عن بلدهم وصولا إلى تهجيرهم يرى في الضربات الإسرائيلية المتكررة إضعافا لنظام الحكم فيرحب بها هكذا يظهر القمع المعمم على أنه ليس فقط فاعلية للطغم الحاكمة في حفاظها على سلطتها بل أيضا وفي الوقت نفسه فاعلية داخلية في خدمة العدو الخارجي إذا كان حزب الله قد أبدى بالفعل في 2006 تماسكا وانضباطا وقدرة قتالية ممتازة أدهشت العالم حينها ولا سيما في وجه الهجوم البري الإسرائيلي في الأيام الأخيرة من الحرب حين أراد الجيش الإسرائيلي الوصول إلى نهر الليطاني فإنه عرض ما عرضته دائما الأنظمة العربية من غياب أي محاسبة أو صلة حية مع المحكومين تمنحهم الحق في مساءلة أصحاب القرار هذا فضلا عن البنية الفئوية الأصيلة فيه التي أنتجت لدينا ظاهرة التفارق المعطل بين وطنية الهدف ولا وطنية الأداة تصب حيوية العلاقة بين شعب إسرائيل وحكومته في صالح التوسعية والسيطرة الإسرائيليتين على خلاف تصور يرى في الاحتجاجات علائم تفكك المجتمع الإسرائيلي وبوادر خطر على دولة الاحتلال الحال أن هذه الحيوية عنصر تفوق سياسي يضاف إلى أوجه التفوق الإسرائيلي الأخرى وفي المقابل يعمل الفشل المزمن عندنا في تحرير الدولة من استعمار الطغم الحاكمة على تعزيز ضعفنا المزمن بدوره إزاء إسرائيل ويجعل حقوق شعوبنا تنزلق أكثر فأكثر على طريق يزداد انحدارا

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح