وإن خذله المتخاذلون

أن يظهر العدو الصهيوني وهو صاحب الهيلمان المخادع الذي أرهب العالم لعقود، بهذا الوهن أمام فئة قليلة من المجاهدين الفلسطينيين فإنه اضعف من أن يفرض واقعاً جديداً، ولا يزال بحاجة لزمن أطول وقوة أكبر ودعم أكثر كي ينجح في أن يرى لأفعاله الوحشية نتيجة لجهة «هز» الخصم على أقل تقدير.
ثلة قلية من المجاهدين الفلسطينيين في غزة، رغم هذه الأوضاع التي بلغت ذروتها وأعلنت الأمم المتحدة حدوث المجاعة فيها بشكل رسمي، تتمكن كتائب القسام في خان يونس وفي منطقة وزّع فيها العدو قواعده ومجنديه وزعم أنها “مُطهَّرة وممسوحة من الأنفاق”، من تلقينه درساً نوعياً واستراتيجياً جديداً. درس يمثل امتداداً مذهلاً لسلسلة الصفعات التي وجهتها هذه القوة الفلسطينية العربية المسلمة.
الدرس مثّل صدمة استراتيجية للكيان وداعميه كونه يأتي معززا من ثبات وجود المقاومة وأنها خلاصة الأرض ولن يمكنه بأي حال إنهاؤها، وهو كذلك لما يترتب عليه من زعزعة لمعنويات العصابة المسلحة الصهيونية، المتهالكة أصلا من طول المعركة ومن هذا التجدد المثير الذي يرونه لدى المقاومة.
وصفت مصادر سياسية وعسكرية «إسرائيلية» عملية خان يونس المركبة بالاستثنائية وغير المسبوقة، واعتبرها الأحرار تأكيداً آخر لمن لا يريد أن يفهم بأن أبناء الأرض باقون وقادرون على العودة بالعدو إلى المربع الأول كلما تصوّر أنه اقترب من الهدف.
سيحكي التاريخ هذه الأحداث الإعجازية التي يجترحها الشعب الفلسطيني البطل في معركة الحرية والكرامة، فهو رغم حجم الكارثة التي اتسع مداها وأثرها ظل متمسكاً بأرضه رافضاً هجرتها، وهو رغم وحشية الكيان الصهيوني المدعوم لا يزال متمسكاً بموقفه في الدفاع عن قضيته وإن خذله المتخاذلون والمتواطئون.
كما سيحكي التاريخ كيف سُفكت في هذا الزمن مفاهيم الحقوق الإنسانية على أرض غزة، وكيف برز نفاق العالم إلى أعلى درجاته، كما برز هذا الانسلاخ العجيب للأمة العربية والإسلامية من قيمها وثوابتها الدينية والأخلاقية، فما عاد يعنيها مما يحدث إلا أن تبقى بعيدة عما يجري.
إنما سيبقى رهان المقاومة الفلسطينية، على إيمانها بنصر الله وعلى قدراتها وإسناد الأحرار، وستواصل مسيرة التحرر دون أن
ارسال الخبر الى: