هيدا ابننا لبنان يودع زياد الرحباني
وكان وداع زياد أشبه بمرآة لوطن يفتّش عن ذاته. حضر الجميع: رسميون، فنانون، مثقفون، وناس عاديون. حضروا لا ليشاهدوا، بل ليشاركوا. احتضان شعبي وفني وثقافي من كل الاتجاهات، وكأن بكامله أراد أن يقول: هذا ابننا.
وكانت فيروز هناك شامخة كأغنياتها، وصامتة كأصوات الكنائس لحظة الصلاة.
وقفت قرب نعش ابنها كأنها ترتل في قلبها نشيدا قديما. لم تنطق، لأن صوتها معروف حتى في السكوت، ولأن الحزن إذا لفّ بالدانتيل الأسود، يصبح أبديا.
هالة فيروز… وجع مغطى بالهيبة
وفي عز لحظة الفقد، بقيت أيقونة كما عهدها الجميع؛ لم تنكسر، لكنها أوصلت وجعها بلا صوت.
ولم يكن حضورها في وداع عاديا، بل هالة صامتة مشبعة بالألم والوقار. كانت مكسوّة بالدانتيل الأسود، لكن وهجها لم يخفت. عيناها تائهتان، وفيهما كل الحب الذي لا يقال، وكل الغصّات التي لا تبكي علنا.
لم تصرخ فيروز ولم تنهار، لم تتكلم، لكن كل من رآها شعر وكأن الزمن توقف أمامها احتراما. كانت راقية، حتى في حزنها وقوية، رغم الانكسار. واقفة، كأنها تلقي آخر ترنيمة بصمت أبدي.
لم يحدق الناس كثيرا في ، بل في الأم الواقفة إلى جانبه. فيروز، التي اختبروا حضورها في صوتها لعقود، ووقفوا اليوم أمام حضورها الصامت، وعينها الحزينة.
وبجوارها، كانت تهمس بصمت العيون. لم تتكلم، ولم تظهر للكاميرات، كانت بكاملها مع أمها. تتفقد خطواتها، تمسك يدها، تلتفت لها بين لحظة وأخرى كأنها تقول: كلنا منك، ومنك القوة.
ملامح ابنتها ريما كانت دامعة، لكنها مشدودة. فيها من صلابة الأب، ومن شغف الأخ، ومن حنان الابنة. كانت ريما الحارسة، المرافقة، والشاهدة على وجعٍ لا يروى بالكلام.
احتضان رسمي
الاحتضان الرسمي كان حاضرا أيضا، من خلال ممثلين عن رئيس الجمهورية ومجلس النواب.
وباسم ، منح زياد الرحباني الفضي ذو السعف، في تقدير رمزي لمسيرته الإبداعية التي تخطت الفن، لتصبح مرآة للناس والوطن. الوسام الذي وضع على نعشه، بدا كأن الدولة تعتذر له، وتقول: شكرا متأخرة، ولكن مستحقة.
ماجدة الرومي تبكي عند أقدام فيروز
في لحظة عابقة بالاحترام،
ارسال الخبر الى: