هوارية لإنعام بيوض الرواية في مواجهة حراس الفضيلة

٦٩ مشاهدة
صدرت رواية هوارية للكاتبة والفنانة التشكيلية الجزائرية إنعام بيوض في تشرين الأول أكتوبر الماضي لكن بعض القراء لن ينتبهوا إلى أنها تتضمن عبارات نابية إلا بعد تسعة أشهر مع إعلان فوزها الثلاثاء الماضي بـجائزة آسيا جبار للرواية في دورتها التاسعة لم يرد الانتباه إلى هذه الجزئية في سياق قراءة رصينة رأت مثلا أن تلك العبارات أقحمت في الرواية على نحو لا يخدم حبكتها السردية وبنيتها الفنية بل ضمن حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاكمة الرواية أخلاقيا بالاعتماد على صور لصفحات من الرواية وردت فيها بضع كلمات بذيئة ضمن حوارات بالعامية الجزائرية مع ترديد للتهم التقليدية الجاهزة مثل خدش الحياء العام والإساءة إلى قيم المجتمع الجزائري والإساءة إلى مدينة وهران حيث تدور أحداث الرواية بالنسبة إلى هؤلاء فإن تلك اللغة التي استخدمتها شخصيات في الرواية ضمن مواضع محددة تكفي للحكم بالبذاءة على لغة النص بالمجمل ولوصفه بـالرواية الإباحية ما يعني أن السواد الأعظم من المنتقدين لم يقرأوا العمل أساسا بل اكتفوا بإصدار أحكامهم بناء على بضع صفحات متناقلة على مواقع التواصل كأننا نقرأ الروايات بصوت مسموع في حضور جميع أفراد العائلة ولم يكتف بعض المنتقدين بالتعبير عن عدم استساغتهم هذه النوعية من الكتابة وهو أمر لا يناقش بما أنه يدخل في إطار الأذواق الشخصية بل تجاوزوا ذلك إلى الدعوة لمحاسبة القائمين على الجائزة وسحبها من الكاتبة ومطالبتها بالاعتذار أيضا على نحو يثير مخاوف حقيقية حول حرية الإبداع في الجزائر واللافت أن عددا غير قليل ممن حاكموا الرواية بمسطرة أخلاقية محسوبون على الكتابة والأدب وكثير منهم يشترك مع بقية المنتقدين ممن قد لا يكونون قراء في الأساس في المطالبة بـالأدب النظيف أو الأدب العائلي وهذا المصطلح الجديد يفيد بأن الروايات تقرأ بصوت مسموع بحضور جميع أفراد العائلة هذه ليست مزحة فقد تساءل أحدهم مستنكرا كيف تمنح جائزة لرواية لا يمكنني قراءتها مع أفراد عائلتي مدافعا عن الرواية كتب الروائي واسيني الأعرج في حسابه على فيسبوك اقرؤوا النصوص جيدا قبل تسليط ساطور عمى البصيرة عليها مضيفا الأدب هو ما ينتجه الكاتب من جديد وإبداع ومعرفة جمالية من عمق القبح الاجتماعي وأما قلة الأدب فهي الجهل والاعتداء المجاني على المبدع واضطهاده في حريته الإبداعية الخلاقة وحقه التعبيري خارج دائرة الأخلاق بمعناها الساذج والضيق إحدى الملاحظات المسجلة على جائزة آسيا جبار للرواية هي عدم إرفاق الإعلان عن أسماء الفائزين بها عادت في دورتها الحالية إلى كل من الهاشمي كراش عن روايته 1954 تلالي أوسيرم بالأمازيغية وعبد العزيز عثماني عن القمر المفتت بالفرنسية إضافة إلى إنعام بيوض عن هوارية باللغة العربية بتقرير لجنة التحكيم وهو ما تطرقت إليه العربي الجديد في مقال سابق غير أن الجدل المستمر منذ ثلاثة أيام دفع أعضاء في لجنة التحكيم إلى الكتابة عن الرواية عبر حساباتهم على فيسبوك لتوضيح أسباب اختيارها في هذا السياق قالت الناقدة والأكاديمية آمنة بلعلى إن إنعام بيوض كتبت نصا مختلفا تناول مرحلة حرجة من تاريخ الجزائر من خلال رسم يوميات فئة اجتماعية تعيش الفقر والتهميش مضيفة أن اللجنة رأت أن الرواية محكمة في بنائها السردي ورسم شخصياتها والمكان المتعلق بأحد أحياء وهران الغارق في الآفات الاجتماعية والعوز المادي الذي تم استغلاله من أجل إثارة الأزمة التي عرفتها الجزائر في العشرية السوداء ورأت بلعلى في الهجوم على الرواية متنفسا أيديولوجيا لأعداء الفن الذين يريدون أن يكتب الروائي أدبا منافقا ويبدو أن الهدف منه هو التشويش على كل نشاط ثقافي فاعل وتقنين الإبداع أعلنت دار النشر إغلاق أبوابها قائلة إنه لا جدوى من محاربة العبث أما الشاعرة والمترجمة لميس سعيدي فقالت إن الرواية تتناول حقبة مهمة ومفصلية في تاريخ الجزائر الحديث وهي حقبة الثمانينات والتسعينات وتبحث بذكاء وصدق وبتشريح دقيق للمجتمع في الجذور الحقيقية للمأساة وهي جذور لا علاقة لها بالدين الذي تشيد الرواية بسماحته ولكنها جذور تجد ماءها في الكبت والظلم الاقتصادي والاجتماعي الذي يقود بالضرورة إلى التطرف والعنف مضيفة تصنع الروائية عالمها ورؤيتها من خلال مزيج ذكي ومتناسق بين لغة عربية فصيحة سلسة وشفافة وطازجة وبين لغة عامية بمستويات مختلفة تقدم حينا الموروث الشعبي وتكشف حينا آخر بؤس الجهل والفقر وانعكاسه على اللغة وفي خضم الهجوم المستمر على الرواية أعلنت ناشرتها دار ميم لصاحبتها آسيا علي موسى عن توقفها ابتداء من اليوم الأربعاء حيث نشرت اليوم بيانا قالت فيه نعلن أن ميم أغلقت أبوابها منذ اللحظة في وجه الريح وفي وجه النار لم نكن إلا دعاة سلم ومحبة ولم نسع لغير نشر ذلك مضيفة أنها حاولت خلال تجربتها أن تقدم عملا ذا قيمة فنية وجمالية ومعرفية أصابت وأخطأت ككل مجتهد ولكنها قدمت صورة طيبة للبلاد في كل المحافل كما يعلم الجميع لم تطمع في أكثر من ذلك الحرص على المعنى وجدوى أن تكون في مكان وتعطي وقتك ومالك وانتباهك له ولكن لا معنى وجدوى من محاربة العبث يذكر أن إنعام بيوض شاعرة وروائية ومترجمة وفنانة تشكيلية تشغل حاليا منصب مدير المعهد العربي للترجمة في الجزائر العاصمة هوارية هي روايتها الثانية بعد السمك لا يبالي التي صدرت عام 2003 وحازت جائزة مالك حداد للرواية في العام نفسه من إصداراتها الأخرى في الشعر رسائل لم ترسل 2003 وفي الترجمة الترجمة الأدبية مشاكل وحلول 2003 ومن ترجماتها الانبهار 2002 لرشيد بوجدرة وزياني أنوار على التاريخ حوار مع فرانسوا بويون 2004 لحسين زياني وبومهدي فن الخزف في الجزائر 2005 لعبد الكريم جيلالي كما شاركت في كتاب جماعي بعنوان الظلم في العالم العربي والطريق إلى العدل 2016

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح