هندسة التجويع في غزة
محاولة إشاعة الفلتان الأمني في غزة كانت وما زالت الوسيلة التي يحاول الاحتلال إحداثها خلال حرب الإبادة بعد فشله في السيطرة على قدرة المقاومة الفلسطينية.
مذ بدأت الحرب على قطاع غزة، عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى إغلاق المعابر وفرض الحصار المشدد، في الوقت الذي مارست فيه الإبادة بأبشع صورها أمام عدسات الكاميرا، من دون اهتمام بالرأي العام العالمي، متخذة من أحداث السابع من أكتوبر مبررًا لكل وسائل القتل والتعذيب.
إلا أن حراك الشارع الغربي مؤخرًا تجاه سياسة التجويع الظالمة دفع بالمؤسسات الدولية إلى التحرك من أجل فتح المعابر ولو جزئيًا، الأمر الذي وضع دولة الاحتلال في موقف حرج، وخصوصًا أن العالم بات أكثر دراية بحقيقة ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لذلك حاول الاحتلال عبر وسائل عدة، إرساء مفاهيم جديدة وسياسات من شأنها تحويل قطاع غزة إلى غابة، من خلال السيطرة على الغذاء والموارد الأساسية كسلاح استراتيجي، والتحكم في كميات الطعام والشراب المسموح بدخولها، وإظهار الأمر على أن الاحتلال يراعي مسألة الجوع؛ فيقوم بإدخال الطعام، لكنه لا يريد وصوله إلى يد حركة حماس حسب ادعائه.
إن حقيقة الأمر هي قيام الاحتلال بتأخير دخول المساعدات الشحيحة، إذ كان يدخل قطاع غزة قبيل الإبادة أكثر من سبعمئة شاحنة يوميًا، بينما لا يتجاوز عدد الشاحنات المسموح بدخولها اليوم خمسين شاحنة، ولأنه يسعى لهندسة التجويع من أجل إرساء مفاهيم جديدة على سكان المدينة، من خلال تأخير المساعدات ليلًا كي يتم نهبها بسهولة، ويُستهدَف رجال التأمينات، إذ استشهد المئات في سبيل توفير الطعام للناس بكرامة، على رأسهم فارس جودة مسؤول ملف التأمينات بشمال غزة، كما لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل ذهب إلى استهداف مراكز التوزيع كما جرى مع النادي الأهلي الذي يتبع لوزارة التنمية الاجتماعية، علمًا أن الوزارة جرى استهدافها أيضًا، حيث يجري كل ذلك بغرض تسهيل عمليات النهب والسرقة من طرف اللصوص والعملاء.
وقد قام الاحتلال قبل عدة أيام بفتح المعابر لإدخال شاحنات الطعام التي تتبع لبرنامج الغذاء العالمي مشترطاً عدم إدخال
ارسال الخبر الى: