هناء مال الله المحيط حقلا للممارسة الفنية
إضاءةٌ فكرية شاملة تكشف الجانب النظري والمنهجي من تجربة الفنانة التشكيلية العراقية هناء مال الله، هكذا يمكننا أن نصف كتاب الاتجاه نحو المحيط، الصادر حديثاً بتحقيق ودراسة الباحث سليم البهلولي، عن منشورات الجامعة الأميركية في بيروت، ضمن سلسلة الشيخ زايد للفنون في العالمين العربي والإسلامي. يعتمد الكتاب على نصوص كتبتها الفنانة بين عامي 1989 و2003، ونُشرت في أغلبها بجريدتَي الجمهورية والقدس العربي، خلال فترة العزلة الثقافية والسياسية التي شكّلت وعيها الفني، ودَفعتها إلى البحث في أثر الزمن والخراب على المادة والمعنى.
وتكشف هذه النصوص المجموعة (أشرف على المشروع الباحث بلال الأرفه لي، وتولّى كريم فرح التصميم والإخراج الفني) كيف انتقلت مال الله (بغداد، 1958) من الرسم المباشر للقطع الأثرية في المتحف العراقي إلى بناء رؤية فلسفية ترى في الأثر مادة للمعرفة وعلاقة بين الماضي والحاضر. كما يتناول مفاهيم مركزية مثل اللوحة بوصفها نصاً سيميائياً، وجدلية الأثر، وحدود الحواس، والإيكولوجيا في الفن. وصولاً إلى ملحق مخصّص لـمدرسة المحيطيين الجدد بقلم الفنان الراحل شاكر حسن آل سعيد الذي تأثّرت به مال الله وأخذت عنه مفهوم المحيط وطوّرته.
كسر العزلة وإعادة كتابة الأثر
يضيء الاتجاه نحو المحيط بدايات مشروع مال الله، حين كانت تقصد المتحف العراقي دورياً في أواخر الثمانينيات، محاولةً رسم قطع أثرية لاستكشاف ما تسميه صداها الزمني؛ أي قدرتها على الانتماء إلى الماضي والبقاء في الحاضر. وبعد حرب الخليج الأولى وإغلاق المتحف، ومع ازدياد عزلة العراق، انتقلت تجربتها إلى مستوى آخر: بدأت تجمع مواد أثرية أو مُستعادة لتكوين ألواح فنية تحمل علامات أشبه بالكتابة الغامضة، في محاولة لتجسيد أثر الزمن على المادة، واستعادة الحياة الكامنة في الأشياء.
يتوقّف البهلولي، الأستاذ المساعد في دائرة الفنون الجميلة في الجامعة الأميركية ببيروت، في مقدّمته الضافية للكتاب عند الرحلة المفصلية التي قامت بها الفنانة إلى باريس عام 2006، والتي وضعت حداً لفترة طويلة من العزلة. حملت معها في
ارسال الخبر الى: