هشام مطر سرد شخصي يكثف معاني الاستبداد
وقعت في يدي رواية اختفاء لهشام مطر مصادفةً. أتعجب في بادئ الأمر، فالكاتب ذو اسم عربي، والرواية تدور في أجواء عربية وعلى الرغم من ذلك كُتبت بالإنكليزية. كانت الرواية عزاء وسلوى، ففي رحلة بطلها نوري للبحث عن أبيه تلمست أثر أبي الذي رحل مؤخراً. روح الكاتب التي تشبّع بها نصّه فبات يشبه صاحبه وكأنه جزء منه، مثلما شعرتُ وسط جمهور إطلاق كتابه شهر في سيينا (دار الشروق، 2024/ ترجمة: زوينة آل تويَه) في القاهرة، في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
مطر المولود في نيويورك عام 1970 لأبوَين ليبيَّين، حيث كان والده جاب الله مطر عضو الوفد الليبي بالأمم المتحدة في نيويورك، قبل أن ينشقّ عن نظام معمر القذافي فنقل أسرته بعيداً عن طرابلس. تنقلت الأسرة في أمكنة عدّة حتى استقرت في القاهرة التي تعلم الكاتب الليبي في مدارسها الابتدائية، ثم انتقل لإكمال تعليمه في مدرسة داخلية في إنكلترا باسم مستعار وهوية مزيّفة.
في التاسعة عشرة من عمره، وأثناء دراسته الهندسة المعمارية في كلية غولد سميث بلندن، خُطف والده من القاهرة ونقل إلى سجون طرابلس، ثم اختفى كلّ أثر له بعد ذلك. تلك الأحداث التي دوّنها هشام مطر بدقة وبالتفصيل في كتابه العودة... آباء وأبناء والأرض التي بينهم.
تركت هذه الحادثة أثرها البالغ على حياة مطر وكتاباته، فهو لم يكتب كلمة إلّا ليدافع بها عن حياة وكفاح وذكرى والده، مهاجماً الدكتاتورية في بلاده رغم كل التهديدات التي تلقاها.
تعد الموضوعات التي يكتب عنها رائجةً عند النظر إليها من وجهة النظر الغربية، فالكتابة عن السجون والقهر السياسي والدكتاتوريات العربية من المواضيع المفضلة للنقاد والناشرين ومحكّمي لجان الجوائز في الغرب عند تقييمهم للأدب العربي، إلّا أن هشام مطر لم يكتب عن تلك الموضوعات مغازلاً هؤلاء النقاد والناشرين، أو طمعاً في جائزة أدبية دولية، وإنما كتب عنها لأنها تمثّل همومه الشخصية وآلامه وهواجسه التي عاش بها. فالقذافي ليس مجرد مستبد مهووس بالسلطة، إنما هو خصمه الشخصي والرجل الذي خطَفَ أباه
ارسال الخبر الى: